كتاب الرسالة التبوكية زاد المهاجر إلى ربه - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

الناس من الدين كلِّه إلى الله ورسوله، لا إلى أحدٍ غير الله ورسوله، فمن أحال الردَّ على (¬١) غيرهما فقد ضادَّ أمرَ الله، ومن دعا عند النزاع إلى تحكيم (¬٢) غير الله ورسوله فقد دعا بدعوى الجاهلية. فلا يدخل العبد في الإيمان حتى يَرُدَّ كل ما تنازع فيه المتنازعون إلى الله ورسوله؛ ولهذا قال تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}، وهذا مما ذكرناهُ آنفًا أنّه شرطٌ ينتفي المشروطُ بانتفائه، فدلَّ على أن من حكَّم غير الله ورسوله في موارد النزاع كان خارجًا عن (¬٣) مقتضى الإيمان بالله واليوم الآخر. وحسبك بهذه الآية القاصمة العاصمة بيانًا وشفاءً، فإنها قاصمة لظهور المخالفين لها، عاصمةٌ للمتمسكين بها الممتثلين لما أمرت به؛ {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (٤٢)} (¬٤).
وقد اتفق السَّلف والخلف على أن الردَّ إلى الله هو الردُّ إلى (¬٥) كتابه، والردُّ إلى رسوله (¬٦) هو الردُّ إليه في حياته، والردُّ إلى سنَّته بعد وفاته (¬٧).
---------------
(¬١) في الأصل: "أحال في الرد إلى".
(¬٢) ط: "حكم".
(¬٣) ط: "من".
(¬٤) سورة الأنفال: ٤٢.
(¬٥) "إلى" ساقطة عن ط.
(¬٦) ط: "الرسول".
(¬٧) انظر: تفسير الطبري (٥/ ٩٥، ٩٦) وجامع بيان العلم وفضله (١/ ٧٦٥، ٧٦٦، ٢/ ٩١٠، ١١٧٧، ١١٨٩) والفقيه والمتفقه (١/ ١٤٤) وتفسير =

الصفحة 47