كتاب الرسالة التبوكية زاد المهاجر إلى ربه - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

أحدهما: إكرام إبراهيم لهم؛ ففيه مدحٌ له (¬١) بإكرام الضيف.
والثاني: أنهم مكرمون عند الله؛ كقوله: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦)} (¬٢)، وهو متضمن أيضًا لتعظيم خليله ومدحه؛ إذ جعل ملائكته المكرمين أضيافًا له.
فعلى كلا التقديرين فيه مدح لإبراهيم.
وقوله تعالى: {فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ} متضمنٌ لمدحٍ (¬٣) آخر لإبراهيم حيث ردَّ عليهم أحسنَ مما حَيَّوه به؛ فإن تحيتهم باسم منصوبٍ متضمن لجملةٍ فعليَّةٍ، تقديره: سلَّمنا عليك سلامًا، وتحيةُ إبراهيم لهم باسمٍ مرفوعٍ متضمن لجملةٍ اسميَّةٍ، تقديره: سلامٌ ثابتٌ أو دائم أو مستقرٌّ عليكم. ولا ريبَ أن الجملة الاسمية تقتضي الثبوت واللزوم، والفعلية تقتضي التجدد والحدوث؛ فكانت تحية إبراهيم أكملَ وأحسنَ (¬٤).
ثم قال: {قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥)}، وفي هذا من حُسْنِ مخاطبة الضيف والتذمُّم منه (¬٥) وجهان من المدح:
---------------
(¬١) ط: "مدح إبراهيم".
(¬٢) سورة الأنبياء: ٢٦.
(¬٣) ط: "بمدح".
(¬٤) انظر "التبيان في علم البيان" لابن الزملكاني (ص ٥٠ - ٥١). وردّ عليه أبو المطرف أحمد بن عميرة في "التنبيهات على ما في التبيان من التمويهات" (ص ٦٦ - ٦٧) , ولم يُسلِّم بهذا الفرق.
(¬٥) ط: "فيه".

الصفحة 75