كتاب الرسالة التبوكية زاد المهاجر إلى ربه - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فهذا وأمثاله [من الأخلاق] (¬١) التي أَدَّبَ اللهُ بها رسولَه، وقال فيه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} (¬٢). قالت عائشة -رضي الله عنها-: "كانَ خُلُقُه القرآنَ" (¬٣).
وهذه لا تَتِمُّ (¬٤) إلا بثلاثةِ أشياءَ:
أحدها: أن يكون العُودُ طيبًا، فأما إذا (¬٥) كانت الطبيعةُ جافيةً غليظةً يابسةً عَسُرَ عليها مزاولةُ ذلك علمًا وإرادةً وعملًا، بخلاف الطبيعة المنقادةِ اللَّينةِ السَّلِسَةِ القِيَادِ، فإنها مستعدَّةٌ إنما تُرِيدُ الحرثَ والبذرَ.
الثاني: أن تكون النفس قويةً غالبةً قاهرةً لدَوَاعِي البطالةِ والغَيِّ والهوى، فإن هذه أعداءُ الكمالِ، فإن لم تَقْوَ النفسُ على قَهْرِها وإلا لم تَزَلْ مغلوبةً مقهورةً.
الثالث: علمٌ شافٍ بحقائق الأشياء، وتنزيلُها (¬٦) منازِلَها، يميزُ به بين الشَّحْمِ والوَرَمِ، والزجاجة والجوهرة.
---------------
(¬١) من ط، ق.
(¬٢) سورة القلم: ٤.
(¬٣) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (٣٠٨) من طريق يزيد بن بابنوس عنها. وأخرجه أحمد (٦/ ٩١، ١١٢، ١١١، ١٨٨) ومسلم (٧٤٦) وابن ماجه (٢٣٣٣) من طرق أخرى عنها.
(¬٤) ط، ق: "وهذا لا يتم".
(¬٥) ط: "إن".
(¬٦) "على قهرها. . . تنزيلها" ساقطة من ق.

الصفحة 90