كتاب التفسير والبيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

فكان عمرُ يُعطِيهِ السُّدُسَ، ثمَّ قال: إنَّا نخافُ أن نكونَ أَجحَفْنا بالجَدِّ، فأعطاهُ الثُّلُثَ؛ رواهُ محمَّدُ بنُ نصرٍ بسندٍ صحيحٍ عن عَبيدةَ بنِ عَمرٍو (١).
وأخرَجَ سعيدُ بنُ مَنْصورٍ، عن عُبَيدِ بنِ نُضَيْلَةَ؛ أنَّ عُمَرَ وابنَ مسعودٍ كانا يُقاسِمانِ الجَدَّ مع الإخوَةِ ما بينَهُ وبينَ أن يكونَ السُّدُسُ خيرًا له مِن مُقاسَمةِ الإخوةِ (٢).
وكان عليٌّ يُعطِيهِ السُّدُسَ بكلِّ حالٍ.
وإنَّما اختلَفَ اجتهادُهم؛ لأنَّه ليس في المسألة نَصٌّ صريحٌ مِن الكتابِ والسُّنَّةِ في أصلِ حقِّ الإخوةِ معَهُ في الميراثِ.
وقوله تعالى: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ}؛ يَعني: الأختَ، فيَرِثُ الأخُ أختَهُ بلا خلافٍ بكامل مالِها، إن لم يَكُنْ لها والِدٌ ولا ولَدٌ، فإنَّهم يَحْجُبُونَ الأخَ، وإن كان للأخ زوجٌ فيَرِثُ الزوجُ نصيبَهُ والباقي للأخِ.
وقوله: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ}، وحُكمُ ما زادَ عن الانثيَيْنِ مِن الأخَواتِ حُكمُ الأخَتَينِ.
وعلى هذه الآيةِ: قاسَ العلَماءُ حُكمَ البِنتَيِنِ على حُكمِ الأُخْتَيْنِ؛ فلهما الثُّلثان، ومِن آيةِ البناتِ في أوَّلِ النِّسَاءِ: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: ١١] قاسَ العُلَماءُ ما زادَ على الأُختَيْنِ على حُكمِ ما زاد على البِنْتَيْنِ؛ فلهنَّ جميعًا الثُّلثانِ.
وقوله: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}،
---------------
(١) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ٢٤٩). وينظر: "فتح الباري" (١٢/ ٢٢).
(٢) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (٥٩) (١/ ٦٦).

الصفحة 1075