كتاب التفسير والبيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 1)
قولِه - صلى الله عليه وسلم -: (أَهْلُ القُرْآنِ أَهْلُ اللهِ وَخَاصَّتُهُ) (١): هُمْ أعلَمُ الناسِ بمواضعِ أحكامِه منه، وأكثَرُهُم تدبُّرًا وتأمُّلًا لمَعانِيه، ومِن الغَلَطِ حَصْرُ أو تقديمُ حَسَنِ الصَّوتِ بذلك الاسمِ والفَضْلِ على مَن يعرِفُ معانِيَهُ ويعرِفُ أدلَّةَ أحكامِ الله مِن كتابِه؛ فأَحَقُّ الناسِ باسمِ "أهلِ القرآن"، و"أَهْلِ الله وخاصَّتِه": مَن عَرَفَ حدودَ القرآنِ وحروفَه وأقامَهما، ثم يَلِيه: مَن عَرَفَ حُدُودَه وأقامَها، ثُم مَن عَرَفَ حروفَه وأقامَها.
وفي كتابِ "أحكام القُرآن" للشافعيِّ فصلٌ في التحريضِ على تعلُّمِ أحكامِ القُرآن، وقال: "إنَّ مَن أَدْرَكَ عِلمَ أحكامِ الله في كتابِه نَصًّا واستِدلالًا، ووَفَّقَهُ اللهُ للقَوْلِ والعَمَلِ لِمَا عَلِمَ مِنه، فازَ بالفضيلةِ في دِينِه ودُنْيَاه، وانتَفَتْ عنه الرِّيَبُ، ونَوَّرَتْ في قَلْبِه الحِكمةُ، واستَوْجَبَ في الدِّينِ موضِعَ الإمامةِ" (٢).
السُّنَّةُ مُفَسِّرَةٌ للقُرآن:
ولا يتمَكَّنُ صاحبُ عقلٍ لبيبٍ مِن معرفةِ تفاصيلِ أحكامِ القرآنِ حتَّى يتمَكَّنَ مِنَ السُّنَّة؛ فإذا جَمَعَ تلك القواعِدَ فقَدْ جَمَعَ العِلمَ، كما قال أحمدُ بنُ حَنْبَلٍ: "أصولُ الإسلامِ أرْبَعةٌ: دَالٌّ، ودَلِيلٌ، ومُبَيِّنٌ، ومُسْتَدِلٌّ؛ فالدَّالُّ: اللهُ تعالى، والدَّلِيلُ: القُرآنُ، والمُبَيِّنُ: الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - قال اللهُ تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]- والمُسْتَدِلُّ: أُولُو
---------------
(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٣/ ٢٤٢ حديث ١٣٥٤٢)، وابن ماجه (٢١٥)؛ من حديث أنَسٍ - رضي الله عنه -.
(٢) "أحكام القرآن" للشافعي (١/ ٢١).
الصفحة 13
2230