كتاب التفسير والبيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 1)

قال سبحانه: {وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ}.
* * *

قال اللهُ تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ١٥٨].
الصَّفَا والمَرْوةُ جَبَلانِ متقابِلانِ شرقيَّ الكَعْبةِ، وعلى طرَفَيِ البابِ.
والصَّفَا: جمعُ "صَفَاةٍ"، وهي: الصخرةُ المَلْساءُ (١).
والمَرْوةُ: الحَصَاةُ الصغيرةُ (٢).
والشعائرُ: المعالمُ الظاهِرةُ البارِرةُ؛ ولذا يسمَّى الشِّعَارُ شِعارًا؛ لكونِهِ علامةً ورايةً لِمَا يُرادُ إظهارُه.
وقيل: إنَّ المرادَ بالشعائرِ: الأخبارُ؛ مِنْ "أشعَرَ فلانٌ بكذا: إذا أخبَرَ به"؛ يعني: مِن أخبارِ اللهِ التي بَيَّنَها وفَصَّلها لكم؛ ثبَتَ هذا عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مجاهدٍ؛ قال: مِن الخَبرِ الذي أخبَرَكُم عنه؛ رواهُ ابنُ جريرٍ، وسندُه صحيحٌ (٣).
وقولُهُ: {فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}:
الحجُّ: القصدُ، وكلُّ قاصدٍ للبيتِ حاجٌّ، وغلَبَ هذا الاصطلاحُ علي قاصدِ المسجدِ الحرامِ، وغلَبَ أيضًا على نُسُكِ الحجِّ, لا العمرةِ، وربَّما أطلَقَهُ بعضُ السلفِ علي العُمْرةِ؛ كما جاء عن ابنِ عُمَرَ أنَّه ذكَرَ
---------------
(١) ينظر: "تهذيب اللغة" (١٢/ ١٧٥)، و"لسان العرب" (١٤/ ٤٦٤).
(٢) "تفسير الطبري" (٢/ ٧٠٩).
(٣) "تفسير الطبري" (٢/ ٧١٠).

الصفحة 130