وذلك لفعلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وعدَمِ مخالفتِه له في عُمَرِهِ وحجَّتِه، وإن بدَأَ مِن المَرْوةِ، لم يَعْتَدَّ بالشوطِ الأولِ، ويحسُبُ مِن أولِ وقوفِهِ على الصَّفا.
وقال ابنُ المنذِرِ: "أجمَعَ كلُّ مَن نحفَظُ عليه مِن أهلِ العلمِ: أنَّ مَن فرَغَ مِن طوافِهِ ومِن صلاتِهِ، بدَأَ عندَ خروجِهِ مِن المسجدِ بالصَّفا، وأنَّه ختَمَ بالمَرْوةِ، وأنَّ مَن فعَل ذلك، فهو مصيبٌ للسُّنَّةِ، واختلَفُوا فيمَن بدَأَ بالمروةِ قلَ الصَّفا" (١).
وروى الطحاويُّ، عن عطاءِ بنِ أبي رَبَاحٍ، قال: "مَنْ بدَأَ بالمَرْوةِ قبلَ الصَّفا، لم يضُرَّهُ ذلك" (٢).
وقال به بعضُ الفقهاءِ مِن الحنفيَّةِ، وهو روايةٌ عن أبي حنيفةَ، والحنفيَّةُ يتسامَحُونَ في الترتيبِ في العباداتِ؛ كالطوافِ والسعيِ والجمارِ (٣).
ورُوِيَ عن عطاءٍ خلافُهُ؛ رواهُ ابنُ عبدِ البرِّ في "التمهيدِ"، وابنُ المنذِرِ، ولعلَّ ترخيصَهُ إنما هو للجاهلِ والناسي، وقد رُوِيَ عنه: أنَّه قيَّدَهُ بذلك؛ روى الوجهَيْنِ عنه ابنُ عبدِ البرِّ (٤).
* * *