كتاب التفسير والبيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 4)
كراهيتُها بالقَلْبِ؛ وإلا كان استحلالًا؛ وهو معنى قوله: {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا}.
وأمَّا ما جاءَ مِن حديثِ عُبادةَ (١)، وأبي الدرداءِ (٢): "لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ قُطِّعْتُمْ، أَوْ حُرِّقْتُمْ، أَوْ صُلِّبْتُمْ"، فهذا عامٌّ مخصوصٌ بالقلبِ؛ وذلك لظاهرِ الآيةِ: {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا}.
* * *
* قال تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٥)} [النحل: ١١٥].
تقدَّم الكلامُ على المحرَّماتِ مِن بهيمةِ الأنعامِ في مَواضِعَ، منها عندَ قولِهِ تعالى: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٧٣]، وقولِهِ تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣].
* * *
* قال تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦)} [النحل: ١٢٦].
في هذا: أمرٌ بالعدلِ حتى عندَ العقابِ والانتصارِ للنَّفْسِ، فيجبُ العدلُ مع الظالمِ كما يجبُ العدلُ للمظلومِ، ولمَّا كانتْ كثيرٌ مِن النفوسِ
---------------
(١) أخرجه المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (٩٢٠).
(٢) أخرجه ابن ماجه (٤٠٣٤).
الصفحة 1683