كتاب التفسير والبيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 4)

رجالٍ وامرأتَيْنِ" (١).
ورُوِيَ أنَّهم ثلاثةُ رجالٍ، وتِسْعُ نِسوةٍ (٢).
وقولُه تعالى: {فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ}؛ المَعَرَّةُ: الإثمُ, وهو مشتقٌّ مِن العارِ، وهو العَيْبُ.
وأخَذَ منه بعضُهم وجوبَ الدِّيَةِ عندَ قَتْلِهم؛ كما قالهُ ابنُ إسحاقَ (٣)، والأظهَرُ: عدمُ وجوبِ الديةِ؛ لأنَّ اللَّهَ أسقَطَ الديةَ وأوجَبَ الكفارةَ في قتلِ المؤمِنِ الذي يكونُ في صَفِّ المشرِكينَ ولا يُعلَمُ له؛ كما قال تعالى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: ٧٢].
ولم يأمُر النبيُّ أسامةَ بدِيَةِ مَن قتَلَهُ لَمَّا تشهَّدَ وهو في صفِّ المشرِكِينَ، والحديثُ في "الصحيحينِ" (٤)، وقد تقدَّم الكلامُ على هذه المسألةِ عندَ قولِهِ تعالى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢].

حُكْمُ تترُّسِ المشرِكِينَ بالمُسلِمِينَ:
التترُّسُ مأخوذٌ مِن التُّرْسِ، وهو نوعٌ مِن السلاحِ يُتَوَقَّى به، وتَترَّسَ الرجُلُ بالتُّرْسِ؛ يعني: أنَّه تَوَقَّى به.
ومسألةُ تترُّسِ الكفارِ بالمُسلِمِينَ مِن المسائلِ المعروفةِ عندَ السلفِ والفقهاءِ، والكلامُ فيها ليس على بابِ واحدٍ أو نوعٍ مُتَّحِدٍ؛ وإنَّما هي
---------------
(١) أخرجه الطبرانى في "المعجم الكبير" (٢٢٠٤).
(٢) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (٣٥٤٣).
(٣) "تفسير الطبري" (٢١/ ٣٠٦).
(٤) أخرجه البخاري (٤٢٦٩)، ومسلم (٩٦).

الصفحة 2056