كتاب التفسير والبيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 4)

سورة الطور
سورةُ الطُّورِ سورةٌ مكيَّةٌ؛ كما قالهُ ابن عبَّاسٍ وابنُ الزُّبَيْرِ (١)، ومِن العلماءِ مَن نَصَّ على الإجماعِ على ذلك (٢)، وفي السورةِ ذِكْرٌ لآياتِ اللَّهِ وبديعِ مخلوقاتِهِ السماويَّةِ والأرضيَّةِ، وتذكيرٌ بما بعدَ المَوْتِ للمُعانِدِينَ والمؤمِنِينَ، وذِكرٌ لأقوالِ بعضِ المُعانِدينَ وأحوالِهم الذين استَكْبَروا عن قَبُولِ الوحيِ.
* * *

* قال اللَّهُ تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (٤٨) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} [الطور: ٤٨ - ٤٩].
أمَرَ اللَّهُ نبيَّه بالصبرِ على حُكْمِ اللَّهِ وأمرِهِ بالامتثالِ له , وعلى ما يَسمَعُهُ مِن الكفارِ والإعراضِ عنه, وقد بيَّن اللَّهُ مِنَّتَهُ علي عبدِهِ أنَّه مُصطفِيهِ مِن بينِ خَلْقِه، وحافظُهُ وحامِيهِ مِن فتنةِ أعدائِه.
وقولُه تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ} حُمِلَ معنى القيامِ في هذه الآيةِ على مَعانٍ:
منها: أنَّه حُمِلَ على ذِكْرِ اللَّهِ وتسبيحِهِ عندَ القيامِ إلى الصلاةِ؛ وهذا
---------------
(١) "الدر المنثور" (١٣/ ٦٧٧).
(٢) "تفسير ابن عطية" (٥/ ١٨٥)، و"زاد المسير" (٤/ ١٧٥)، و"تفسير القرطبي" (١٩/ ٥١١).

الصفحة 2089