كتاب التفسير والبيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 4)

يكونُ تفصيلُ الأوامرِ تهوينًا في نفوسِ الناسِ فيترُكُونَها زهدًا فيها؛ لأنَّهم يُرِيدونَ فِعْلَ الواجبِ وتَرْكَ المحرَّمِ والاقتصارَ عليه.
وإطلاقُ الأمرِ والنهي مِن غيرِ تمييزٍ لمرتبةِ المأمورِ به والمنهيِّ عنه: مِن الأساليبِ النبويَّةِ والصحابيَّةِ، ولو كان مستقِرًّا عندَ عامَّةِ الصحابةِ مرتبةُ المقصودِ مِن السياقِ، إلَّا أنَّه ليس مستقِرًّا عندَ كثيرٍ مِن التابعينَ ولا عندَ أكثَرِ أتباعِهم، وما كان الصحابةُ يَتكلَّفونَ التمييزَ في ذلك.
وقد جاء في السُّنَّةِ الأمرُ بالتطهُّرِ عندَ مسِّ المُصْحَفِ؛ كما رَوى مالكٌ في "موطَّئِه"، عن عبدِ اللَّهِ بنِ أبي بكرِ بنِ محمدِ بنِ عمرو بنِ حَزْمٍ؛ أن في الكتابِ الذي كتَبَهُ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لعمرِو بن حزمٍ: (أَنْ لا يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ) (١).
ورَوَى أبو داودَ في "المراسيلِ"؛ مِن حديثِ الزُّهْريِّ؛ قال: قرأتُ في صحيفةٍ عندَ أبي بكرِ بنِ محمدِ بنِ عمرِو بنِ حزمٍ؛ أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: (وَلَا يَمسُّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ) (٢).
وكتابُ النيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لعمرِو بنِ حزمٍ ثابتٌ في أصلِه؛ وإنَّما الخلافُ في ثبوتِ بعضِ نصوصِهِ وحروفِه، وصحَّحَ أصلَ الكتابِ ابنُ مَعِينٍ (٣) وأحمدُ (٤) والشافعيُّ (٥) ويعقوبُ بنُ سفيانَ (٦).
وقد رَوَى الدارقطنيُّ؛ مِن حديثِ سالمٍ، عن ابنِ عمرَ مرفوعًا: (لَا يَمسُّ الْقُرْآنَ إِلَّا طَاهِرٌ) (٧).
---------------
(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ١٩٩).
(٢) "المراسيل" لأبي داود (٩٤).
(٣) "تاريخ ابن معين"، رواية الدوري (٦٤٧).
(٤) "مسائل الإمام أحمد"، رواية البغوي (٣٨ و ٧٣)، و"الكامل في ضعفاء الرجال" لابن عدي (٣/ ٢٧٥).
(٥) "الرسالة" (١/ ٤٢٢ - ٤٢٣).
(٦) "المعرفة والتاريخ" (٢/ ٢١٦).
(٧) أخرجه الدارقطني في "سننه" (١/ ١٢١).

الصفحة 2108