كتاب التفسير والبيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 4)

سورة الممتحنة
سورةُ المُمْتَحَنَةِ سورةٌ مدَنيَّةٌ بلا خلافٍ (١)، وفيها بيَّن اللَّهُ وجوبَ موالاةِ المؤمنينَ ومعاداةِ الكافرينَ، وبيَّن ما تُخْفِيهِ صدورُ الكافِرِينَ والمُنافِقينَ على الإسلامِ وأهلِه، وبيَّن بعضًا مِن أحكام التعامُلِ والصِّلَةِ بينَ المسلِمِ والمنافِقِ والكافِرِ مُحارِبًا ومُسالِمًا، وبعضَ أَحكامِ المُهاجِراتِ وما لَهُنَّ وعلَيْهِنَّ.
* قال اللَّه تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٤)} [الممتحنة: ٤].
أمَر اللَّهُ بالتأسِّي بإبراهيمَ وما هو عليه ومَنْ معه مِنْ توحيدٍ وسُنَّةٍ، في تعامُلِهم مع المُشرِكِينَ، وظاهرُ الآيةِ: أنَّ التأسِّيَ بهم في أصولِ الدِّينِ كما هو ظاهرِ السِّياقِ، واتِّباعُ الأنبياءِ في الأُصولِ ممَّا لا خلافَ فيه، وإنَّما الخلافُ في الشرائعِ، وقد تقدَّم الكلامُ على ذلك عندَ قولِهِ تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥].
* * *
---------------
(١) ينظر: "تفسير ابن عطية" (٥/ ٢٩٣)، و"زاد المسير" (٤/ ٢٦٦)، و"تفسير القرطبي" (٢٠/ ٣٩٥).

الصفحة 2131