كتاب التفسير والبيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 4)

سورة الإنسان
قد اختُلِفَ في نزولِ سورةِ الإنسانِ؛ فمِن السلفِ: مَن قال بمكيَّتِها، ومنهم: مَن قال بمدَنيَّتِها، ومنهم: مَن جعَل منها المكيَّ ومنها المدَنيَّ (١)، وقد بيَّن اللَّهُ فيها خَلْقَ الإنسانِ ونشأتَهُ وضَعْفَ خَلْقِه، وحالَهُ في الدُّنيا، وعاقِبتهُ في الآخِرةِ بينَ السعادةِ والشقاوةِ، وبينَ الجنةِ والنارِ.
* * *

* قال اللَّه تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: ٨].
ذكَر اللَّهُ مِن صفاتِ أهلِ الجنةِ إطعامَ الطعامِ وهم يُحِبُّونَه، فيُنفِقونَ مِن نفيسِ مالِهم؛ كما قال تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩]، وبعضُ السلفِ جعَلَ الآيةَ فيمن يُتألَّفُ مِن الكفارِ.
وفي هذه الآيةِ: فضلُ إطعامِ الأسيرِ والإحسانِ إليه والرِّفْقِ به، وقد تقدَّم الكلامُ على التعامُلِ مع الأسيرِ وأحكامِهِ عندَ قوله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ١٤].
* * *
---------------
(١) ينظر: "تفسير ابن عطية" (٥/ ٤٠٨)، و"زاد المسير" (٤/ ٣٧٤)، و"تفسير القرطبي" (٢١/ ٤٤٣)، و"الدر المنثور" (١٥/ ١٤٢).

الصفحة 2201