كتاب التفسير والبيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 4)

سورة الكوثر
اختلَفَ العلماء في موضعِ نزولِ سورةِ الكوثرِ، والأكثرُ على مَكِّيَّتِها، وهو مرويٌّ عن ابن عبَّاسٍ، ورُوِيَ عن عِكرِمةَ والحسنِ: أنَّها مدَنيَّةٌ (١)، وفي مسلمٍ مِن حديثِ أنسٍ ما يدُلُّ على أنَّها نزَلَتْ بالمدينةِ (٢)، واستدَلَّ بعضُهم لمكيَّتِها بأنَّ الأبْتَرَ هو العاصُ بن وائلٍ، وقيل: هو أبو جَهْلٍ، وقيل: عُقْبةُ بنُ أبي مُعَيْطٍ، وقيل غيرُهم مِن كفارِ فريشٍ (٣).
* قال اللَّه تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: ٢].
أمَر اللَّه بتوحيدِهِ وبَذْلِ العبادةِ له أداءً للصلاةِ أو نَحْرًا للنُّسُكِ، والآيةُ عامَّة في كلِّ صلاةٍ وفي كلِّ منحورٍ، وهي نظيرُ قولِهِ تعالى في سورةِ الأنعامِ: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [١٦٢ - ١٦٣].
ومِن السلفِ: مَن خصَّصَ النزولَ بصلاةِ العيدِ ونَحْرِ الهَدْي والأُضْحِيَّةِ؛ كمجاهدٍ وعطاءٍ وعِكْرمةَ (٤)، وهو ظاهرٌ، للتلازُمِ بينَ الصلاةِ
---------------
(١) ينظر: "تفسير ابن عطية" (٥/ ٥٢٩)، و"زاد المسير" (٤/ ٤٩٧)، و"تفسير القرطبي" (٢٢/ ٥١٩).
(٢) "صحيح مسلم" (٤٠٠).
(٣) ينظر: "تفسير الطبري" (٢٤/ ٦٩٧ - ٧٠٠)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (١٠/ ٣٤٧١)، و"تفسير ابن كثير" (٨/ ٥٠٤).
(٤) "تفسير الطبري" (٢٤/ ٦٩٤) و"تفسير ابن أبي حاتم" (١٠/ ٣٤٧٠).

الصفحة 2219