كتاب التفسير والبيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 4)

والنحرِ، لأنَّهما يكونانِ مشروعَيْنِ في يومِ النحرِ، وهو عيدُ الأَضْحَى؛ ولهذا قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: (مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَنَسَكَ نُسُكَنَا، فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ، وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ المصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ، ولا نُسُكَ لَهُ) (١).
ويُرْوَى عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ: أنَّ المرادَ بالنحرِ رفعُ اليدَيْنِ في الصلاةِ؛ وهو مُنكَرٌ، يَرويهِ مُقاتِل بنُ حَيَّانَ، عن الأصْبَغِ بنِ نُبَاتَةَ، عنه؛ أخرَجَه ابنُ أبي حاتمٍ (٢).
ويُروى عنه: أنَّه قَبْضُ اليمينِ على الشِّمَالِ في الصلاةِ (٣)؛ ولا يصحُّ.

حُكْمُ الأُضْحِيةِ ووقتُها:
وقولُه تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}، يتضمَّنُ أحكامًا في النَّحْرِ، منها: ذِكْرًا للَّهِ والتسميةُ عندَ ذَبْحِ بهيمةِ الأنعامِ، ومنها: مسألةُ وجوبِ الأُضْحِيَّةِ، ومنها: تقديمُ صلاةِ العيدِ على ذبحِ الأُضْحِيَّةِ:
فأمَّا التسميةُ عندَ الذبحِ والنحرِ: فهذا قد تقدَّم الكلامُ عليه عندَ قولِه تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ} [الأنعام: ١١٨]، وقولِه: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: ١٢١]، وتقدَّم الكلامُ على التسميةِ عندَ إرسالِ الصيدِ عندَ قولِه: {وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة: ٤].
وأمَّا حُكْمُ الأُضْحِيَّةِ: فهو مختلَفٌ فيه عندَ الأئمَّةِ، والأرجحُ عدمُ الوجوبِ؛ وهو قولُ جمهورِ العلماءِ، خلافًا لأبي حنيفةَ والأوزاعيِّ وقولِ لمالكٍ بوجوبِها، ولم يكنِ الخلفاءُ الراشدونَ يُوجِبونَها كأبي بكرٍ وعمرَ،
---------------
(١) أخرجه البخاري (٩٥٥).
(٢) "تفسير ابن أبي حاتم" (١٠/ ٣٤٧٠).
(٣) "تفسير الطبري" (٢٤/ ٦٩٠).

الصفحة 2220