كتاب التفسير والبيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 1)

{يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦]، وهذه ليست بزَوْجِه؟ ! (١)، فاحتَجَّ أحمدُ بأنَّ الرجلَ يُطلِّقُ ثلاثًا وهو مَرِيضٌ فتَرِثُه؛ لأنَّه فَارٌّ مِن المِيراثِ وهذا فارٌّ مِنَ الوَلَد.
وقدِ اختلَفَ قولُ أحمدَ فيما إذا كانَ في الآياتِ الجِنسُ واحدًا والسببُ مختلِفًا على روايتَيْنِ: روايةٍ ببناءِ المُطْلَقِ على المُقَيَّدِ كما في قولِه في العِتْقِ بالظِّهَار، فيرى أنَّ الرَّقَبَةَ مؤمِنَةٌ مثلَ كفارةِ القَتْلِ، وروايةٍ ألَّا يُبْنَى المُطْلَقُ على المُقَيَّدِ ويُحْمَلَ المُطْلَقُ على إطلاقِه، كما في حدِّ اليَدِ في التيمُّمِ وحَدِّها في قَطْعِ السَّرِقَةِ، فلم يَجْعَلْ أحمدُ التَّيَمُّمَ إلى المرفقَيْنِ؛ لكونِه بدلًا عنِ الوضوءِ وهو إلى المرفقين (٢)، وجَعَلَ حَدَّ السرقةِ إلى الكَفِّ؛ لأنَّ اللهَ ذَكَرَ اليَدَ في الوضوءِ فحَدَّهَا إلى المرفقَيْنِ وأَطْلَقَها في التيمُّمِ والقَطْعِ؛ فدلَّ على أنَّه إنْ لم تُحَدَّ فهي إلى الكَفِّ (٣).
ولأَحْمَدَ مسالِكُ في التفسيرِ، تُعْرَفُ بالتتَبُّعِ والنَّظَرِ، ولا يجمَعُها بابٌ ولا يَحُدُّها موضِعٌ، وهذا الكتابُ جَمْعٌ لآيات الأحكامِ وتفسيرِها، على سبيلِ التوسُّطِ، لا البَسْطِ والتَّوَسُّع، ومِن اللهِ يُستمَدُّ العَوْنُ والتوفيقُ والتسديدُ.
عبد العزيز الطريفي
خاتمةَ صَفَر، عامَ ستةٍ وثلاثينَ وأربعِ مئةٍ وأَلْف
---------------
(١) "العدة في أصول الفقه" (٢/ ٥٥٩ - ٥٦٠).
(٢) "العدة في أصول الفقه" (٢/ ٦٣٨).
(٣) "العدة في أصول الفقه" (٢/ ٦٣٨ - ٦٣٩).

الصفحة 24