كتاب التفسير والبيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 1)

روى ابنُ جريرٍ، عن ابنِ أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن قتادةَ؛ في قولِهِ: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}؛ قال: فريضتانِ واجبتانِ؛ فأدُّوهما إلى اللهِ (١).
وفي آيةِ البابِ دليلٌ على جملةٍ من المسائلِ:
منها: فرضيةُ الصلاةِ والزكاةِ، وهما الرُّكْنانِ الثاني والثالثُ بالاتِّفاقِ؛ كما في "الصحيحَيْنِ"؛ من حديثِ ابنِ عمرَ؛ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: (بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ. . .)؛ الحديثَ (٢).
ولحديثِ أبي هريرةَ في "الصحيحينِ"؛ في قصةِ سؤالِ جبريلَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، لمَّا سأَلَهُ عن الإسلامِ، قَال: (الإِسْلَامُ: أَنْ تَعْبُدَ اللهَ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ. . .)، الحديثَ (٣).

وجوب القيام في الصلاة على القادر:
ومنها: وجوبُ القيامِ في الصلاةِ، وهو ركنٌ من أركانِها، وجُعِلَ أداءُ الصلاةِ قيامًا؛ لأنَّ القيامَ أطولُ من غيرِهِ في الصلاةِ وقتًا، وهو أظهرُ بالبيانِ؛ ففي "الصحيحينِ"، عن عبدِ الرحمنِ بنِ أبي ليلى، عن البَرَاءِ؛ قال: "كان ركوعُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وسجودُهُ، وبينَ السجدتَيْنِ، وإذا رفَعَ من الركوعِ - ما خلا القيامَ والقعودَ - قريبًا مِن السَّوَاءِ" (٤).
يعني: أنَّ القيامَ لا يُقارَنُ طولًا بغيرِهِ؛ وإنَّما غيرُهُ يتشابَهُ فيما بينَهُ سجودًا وركوعًا، وجلوسًا بينَ السجدتَيْنِ ورفعًا من الركوعِ.
---------------
(١) "تفسير الطبري" (١/ ٦١١).
(٢) أخرجه البخاري (٨) (١/ ١١)، ومسلم (١٦) (١/ ٤٥).
(٣) أخرجه البخاري (٥٠) (١/ ١٩)، ومسلم (٩) (١/ ٣٩).
(٤) أخرجه البخاري (٧٩٢) (١/ ١٥٨)، ومسلم (٤٧١) (١/ ٣٤٣).

الصفحة 49