كتاب التفسير والبيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 1)

أرادَ بـ "خَسًا": الفردَ، وبـ "زَكًا": الزوجَ؛ في العَدَدِ.

فضلُ الركوعِ:
قولُهُ: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} فيه إشارةٌ إلى فضلِ الركوعِ، وأنَّ الخطابَ المتوجِّهَ إلى بني إسرائيلَ فيه نسخُ صلاتِهم؛ فصلاةُ اليهودِ لا ركوعَ فيها، ولذا قطَعَ اللهُ ما يُمكِنُهمْ تدليسُهُ أنَّ محمدًا أمَرَهم بلزومِ عادتِهم؛ فقال: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}.

دفعُ اللَّبْسِ عند الخطاب:
وفي هذا: أنَّ دفْعَ اللَّبْسِ واجبٌ عندَ احتمالِهِ في فهمِ الخطابِ، وأنَّ السكوتَ عنه مع احتمالِ وجودِهِ تدليسٌ؛ فلا يجوزُ لعالمٍ في خطابِهِ أنْ يعمِّمَ في موضعٍ يَحتاجُ إلى تخصيصٍ، أو يغلِبُ على ظنِّهِ فهمُ معنًى خاصٍّ في الأذهانِ يُخالفُ الحقَّ.
وأحبارُ بني إسرائيلَ إنَّما ضَلُّوا بقلبِ المعاني وتحريفِ الألفاظِ؛ فما أمكَنَهُمْ قلبُ معناهُ، قلَبُوهُ مع بقاءِ لفظِهِ، وما لم يُمكِنْهُمْ، قلَبُوا لَفْظَهُ لينقلِبَ معناه، وقلبُ المعاني في اليهودِ أكثرُ، وتحريفُ الألفاظِ لِيَتْبَعَها تحريفُ المعاني في النصارى أكثرُ؛ فالتوراةُ بعدَ تحريفِها أكثرُ تحريفًا للمعنى وأكثرُ بقاءً للفظِ، والإنجيلُ بعد تبديلِهِ أكثرُ تحريفًا للفظِ؛ ولهذا كانتِ اليهودُ أشدَّ كفرًا؛ لأنَّ اللفظَ لدَيْهم فيه الحُجَّةُ ومع ذلك يَلْوُونَ عُنُقَهُ عنادًا واستكبارًا، وأمَّا النصارَى، فحرَّفَ أسلافُهُم النصَّ وتَبِعَهُ المعنى، وانساقُوا على ما يرَوْنَهُ من لفظٍ ومعنى.

فضلُ السجود على الركوعِ:
والركوعُ عبادةٌ تختصُّ بالصلاةِ لا تصحُّ منفردةً عنها بخلافِ السجودِ؛ فقد جاء في الشريعةِ سجودُ التلاوةِ والشكرِ ونحوِهما بلا صلاةٍ، وأمَّا الركوعُ فلم يَرِدْ، ومثلُهُ القيامُ؛ لذا كان السجودُ أعظمَ عندَ اللهِ؛ لِتمحُّضِهِ

الصفحة 51