كتاب التفسير والبيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)

سُورَةُ آلِ عِمْرانَ
سورةُ آلِ عمرانَ سورةٌ مدنيَّةٌ، وقد حكى الإجماعَ على ذلك غيرُ واحد، وفيها بيانٌ لجملة من الأحكام؛ كالقتالِ والطعامِ وفرضِ الحجِّ والإصلاحِ، وتضمَّنت تثبيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وبيان مَكرِ أعدائِهِمْ كاليهود والنصارى والمنافقِين والمشركِين والتعامُل معهم.
* قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: ٧].
أَنْزَلَ اللهُ كتابَهُ للبيانِ وإقامةِ البُرهانِ؛ ومُقتضَى ذلك أنْ يكونَ بيِّنًا مُحْكَمًا ظاهرًا جليًّا، وهذا هو الأصلُ فيه؛ ولذا سمَّى اللهُ المُحْكَمَاتِ بـ (أمِّ الكتابِ)؛ أيْ: أصلِه، والمقصودُ مِن الكِتابِ: الإحْكَامُ، لا اللَّبْسُ، وأُمُّ الشيءِ: أصلُهُ الذي تَرجِعُ الفروعُ إليه، ولا يَرجِعُ بالضرورةِ إليها؛ كأمِّ القُرى؛ يَقصِدُها أهلُ القُرى جميعًا بقلوبِهم ووُجُوهِهم وأَبْدانِهم، ولا يقصدُ أهلُ أمِّ القُرى جميعَ القُرى.

المحكَمُ والمتشابِهُ في القرآن:
وإحكامُ القرآنِ أصلٌ، والتشابهُ عارضٌ، عندَ كلِّ عربيٍّ بفهمُ لغةَ العربِ التي أُنزِلَ عليها القرآنُ، وليستِ العربيَّةَ المتأخِّرةَ التي دخلَتْها

الصفحة 573