كتاب التفسير والبيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 1)

وكان يقولُ عنها: "بدعةٌ" (١).
وكَرِهَهُ مالكٌ (٢)؛ وهذا غريبٌ مع سَعَةِ اطِّلاعِهِ على فقهِ أهلِ المدينةِ ومعرفتِهِ بأفعالِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ومِثلُ هذا ينتقِلُ عملُه ويشتهِرُ.
وفي البابِ أحاديثُ مرفوعةٌ في سجودِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - للشكرِ، وأكثرُها معلولٌ؛ ومِن ذلك ما جاء عندَ أبي داودَ، والترمذيِّ، وابنِ ماجَهْ؛ من طريقِ بَكَّارِ بنِ عبدِ العزيزِ بن أبي بَكْرةَ، عن أبيهِ، عن أبِي بَكْرةَ - رضي الله عنه -: "أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذَا جَاءَهُ أمْرٌ يَسُرُّهُ، خَرَّ سَاجِدًا للهِ" (٣)؛ وبكارٌ ليِّنُ الحديثِ (٤).
وكذلك ما جاء مِن حديث عبدِ الواحدِ بنِ محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ؛ قال: سَجَدَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رفَعَ رَأْسَهُ، وقَالَ: (إنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَبَشَّرَنِي، فَسَجَدتُّ للهِ شُكْرًا) (٥)؛ رواهُ أحمدُ وعبدُ الواحدِ لا تُعرَفُ حالُه (٦).
وأَمْثَلُ منها حديثُ البَرَاءِ في سجودِ النبيِّ لمَّا بلَغَهُ إسلامُ هَمْدَانَ لمَّا كتَبَ له عليٌّ - رضي الله عنه - بإسلامِهم، فلمَّا قرَأَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الكتابَ، خَرَّ ساجدًا (٧)؛ وقد رواهُ البيهقيُّ، والقصةُ في "صحيحِ البخاريِّ" بلا ذِكْرِ
---------------
(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٨٤٢٣) (٢/ ٢٢٩).
(٢) ينظر: "المدونة" (١/ ١٩٧).
(٣) أخرجه أبو داود (٢٧٧٤) (٣/ ٨٩)، والترمذي (١٥٧٨) (٤/ ١٤١)، وابن ماجه (١٣٩٤) (١/ ٤٤٦).
(٤) ينظر: "تاريخ ابن معين" "دوري" (٤/ ٨٦)، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (٢/ ٤٠٨)، و"الكامل في ضعفاء الرجال" لابن عدي (٢/ ٢١٧).
(٥) أخرجه أحمد (١٦٦٤) (١/ ١٩١).
(٦) ينظر: "التاريخ الكبير" للبخاري (٦/ ٥٥) و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (٦/ ٢٣).
(٧) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ٣٦٩).

الصفحة 78