كتاب التفسير والبيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 2)
مِنَ الْآخِرَةِ)؛ أخرَجَهُ أحمدُ وأهلُ السُّنَنِ (١).
* * *
قال تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا} [النساء: ٨٨].
وَرَدَ في نزولِ هذه الآيةِ أخبارٌ متبايِنةٌ، وأصَحُّها ما جاء في "المْسنَدِ"، و"الصحيحَينِ"؛ مِن حديثِ زيدِ بنِ ثابتٍ؛ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خرَجَ إلى أُحُدٍ، فرَجَعَ ناسٌ خرَجُوا معه، فكان أصحابُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فيهم فِرقتَيْنِ: فِرْقةٌ تقولُ: نَقْتُلُهُمْ، وفِرْقةٌ تقولُ: لا؛ هم المؤمِنون، فأنزَلَ اللهُ: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ}، فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (إنَّهَا طَيْبَةُ، وَإِنَّهَا تَنْفِي الْخَبَثَ، كمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الْفِضَّةِ) (٢).
وصحَّ عن مُجاهِدٍ: "أنَّهم قومٌ خرَجُوا مِن مكةَ حتى جاؤوا المدينةَ يَزْعُمُونَ أنَّهم مُهاجِرونَ، ثمَّ ارتَدُّوا بعدَ ذلك، فاستأذَنُوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إلى مكةَ ليَأْتُوا ببضائعَ يَتَّجِرونَ فيها، فاختَلَفَ فيهم المؤمِنونَ؛ فقائِلٌ يقولُ: منافِقون، وقائلٌ يقولُ: هم مؤمِنون، فبيَّنَ اللهُ نِفاقَهم، فأمَرَ بقَتْلِهم، فجاؤوا ببضائِعَ يُرِيدُونَ هِلَالَ بنَ عُوَيْمِرِ الأَسْلَمِيَّ، وبينَه وبينَ محمدٍ حلفٌ، فدفَعَ عنهم بأنَّهم يَؤُمُّونَ هلالًا وبينَه وبينَ محمدٍ عهدٌ" (٣).
---------------
(١) أخرجه أحمد (٧١٤٢) (٢/ ٢٣٠)، وأبو داود (٥٢٠٨) (٤/ ٣٥٣)، والترمذي (٢٧٠٦) (٥/ ٦٢)، والنسائي في "السنن الكبرى" (١٠١٢٩) (٩/ ١٤٤).
(٢) أخرجه أحمد (٢١٥٩٩) (٥/ ١٨٤)، والبخاري (١٨٨٤) (٣/ ٢٢)، ومسلم (٢٧٧٦) (٣/ ٢١٤٢).
(٣) "تفسير الطبري" (٧/ ٢٨٢)، و"تفسير ابن المنذر" (٢/ ٨٢٠)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ١٠٢٤).
الصفحة 927