كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 1)

وَالسُّورَةُ بِغَيْرِ هَمْزٍ: الْمَنْزِلَةُ مِنْ مَنَازِلِ الِارْتِفَاعِ، وَمِنْ ذَلِكَ سُورُ الْمَدِينَةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ الْحَائِطُ الَّذِي يُحْوِيهَا لِارْتِفَاعِهِ عَلَى مَا يَحْوِيهِ، غَيْرَ أَنَّ السُّورَةَ مِنْ سُورِ الْمَدِينَةِ لَمْ يُسْمَعْ فِي جَمْعِهَا سُوَرٌ، كَمَا سُمِعَ فِيَ جَمْعِ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ سُوَرٌ، قَالَ الْعَجَّاجُ: فِي جَمْعِ السُّورَةِ مِنَ الْبِنَاءِ:
[البحر الرجز]
فَرُبَّ ذِي سُرَادِقَ مَحْجُورٍ ... سُرْتُ إِلَيْهِ فِي أَعَالِي السُّورِ
فَخَرَّجَ بِتَقْدِيرِ جَمْعِهَا عَلَى تَقْدِيرِ جَمْعِ بُرَّةٍ وَبُسْرَةٍ، لِأَنَّ جَمْعَ ذَلِكَ بُرٌّ وَبُسْرٌ، وَكَذَلِكَ لَمْ يُسْمَعْ فِي جَمْعِ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ سُوَرٌ، وَلَوْ جُمِعَتْ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ خَطَأً فِي الْقِيَاسِ، إِذَا أُرِيدَ بِهِ جَمِيعُ الْقُرْآنِ، وَإِنَّمَا تَرَكُوا فِيمَا يَرَى جَمْعَهُ كَذَلِكَ، لِأَنَّ كُلَّ جَمْعٍ كَانَ بِلَفْظِ الْوَاحِدِ الْمُذَكَّرِ مِثْلَ بُرٍّ وَشَعِيرٍ وَقَصَبٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَإِنَّ جِمَاعَهُ كَالْوَاحِدِ مِنَ الْأَشْيَاءِ غَيْرَهُ، لِأَنَّ حُكْمَ الْوَاحِدِ مِنْهُ مُفْرَدًا قَلَّمَا يُصَابُ، فَجَرَى جِمَاعُهُ مَجْرَى الْوَاحِدِ مِنَ الْأَشْيَاءِ غَيْرِهِ، ثُمَّ

الصفحة 102