كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 1)

بَانَتْ وَقَدْ أَسْأَرَتْ فِي النَّفْسِ حَاجَتَهَا ... بَعْدَ ائْتِلَافٍ وَخَيْرُ الْودِّ مَا نَفَعَا
وَأَمَّا الْآيَةُ مِنْ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهَا تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ سُمِّيَتْ آيَةً، لِأَنَّهَا عَلَامَةٌ يُعْرَفُ بِهَا تَمَامُ مَا قَبْلَهَا وَابْتِدَاؤُهَا، كَالْآيَةِ الَّتِي تَكُونُ دَلَالَةً عَلَى الشَّيْءِ، يُسْتَدَلُّ بِهَا عَلَيْهِ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
[البحر الطويل]
أَلِكْنِي إِلَيْهَا عَمْرَكَ اللَّهُ يَا فَتَى ... بِآيَةِ مَا جَاءَتْ إِلَيْنَا تَهَادِيَا
يَعْنِي: بِعَلَامَةِ ذَلِكَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ، جَلَّ ذِكْرُهُ: {رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ} [المائدة: 114] أَيْ عَلَامَةً مِنْكَ، لِإِجَابَتِكَ دُعَاءَنَا، وَإِعْطَائِكَ إِيَّانَا سُؤْلَنَا. وَالْآخَرُ مِنْهُمَا: الْقِصَّةُ، كَمَا قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى:
[البحر الطويل]
أَلَا بَلِّغَا هَذَا الْمُعَرِّضَ آيَةً ... أَيَقْظَانَ قَالَ الْقَوْلَ إِذْ قَالَ أَمْ حَلَمْ
يَعْنِي بِقَوْلِهِ آيَةً: رِسَالَةً مِنِّي وَخَبَرًا عَنِّي، فَيَكُونُ مَعْنَى الْآيَاتِ: الْقَصَصُ، قِصَّةٌ تَتْلُو قِصَّةً بِفُصُولٍ وَوُصُولٍ

الصفحة 104