كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 1)

فَقَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: §أَنْتُمْ عِنْدِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَتَلَحْنُونَ، فَمَنْ نَأَى عَنِّي مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ أَشَدُّ فِيهِ اخْتِلَافًا، وَأَشَدُّ لَحْنًا، اجْتَمِعُوا يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ، فَاكْتُبُوا لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: فَحَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: كُنْتُ فِيمَنْ يُمْلَى عَلَيْهِمْ، قَالَ: فَرُبَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْآيَةِ فَيَذْكُرُونَ الرَّجُلَ قَدْ تَلَقَّاهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ غَائِبًا، أَوْ فِي بَعْضِ الْبَوَادِي، فَيَكْتُبُونَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، وَيَدَعُونَ مَوْضِعَهَا، حَتَّى يَجِيءَ أَوْ يُرْسَلَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْمُصْحَفِ، كَتَبَ عُثْمَانُ إِلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ: إِنِّي قَدْ صَنَعْتُ كَذَا وَكَذَا، وَمَحَوْتُ مَا عِنْدِي، فَامْحُوا مَا عِنْدَكُمْ "
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، قَالَ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّهُ اجْتَمَعَ فِي غَزْوَةِ أَذْرَبَيْجَانَ وَأَرْمِينِيَةَ أَهْلُ الشَّامِ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، فَتَذَاكَرُوا الْقُرْآنَ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ حَتَّى كَادَ يَكُونُ بَيْنَهُمْ فِتْنَةٌ، فَكَتَبَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ لَمَّا رَأَى اخْتِلَافَهُمْ فِي الْقُرْآنِ إِلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ: " إِنَّ §النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي الْقُرْآنِ، حَتَّى إِنِّي وَاللَّهِ لَأَخْشَى أَنْ يُصِيبَهُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنَ الِاخْتِلَافِ. قَالَ: فَفَزِعَ لِذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا، فَأَرْسَلَ إِلَى حَفْصَةَ، -[58]- فَاسْتَخْرَجَ الصُّحُفَ الَّتِي كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَمَرَ زَيْدًا بِجَمْعِهَا، فَنَسَخَ مِنْهَا مَصَاحِفَ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَى الْآفَاقِ "

الصفحة 57