كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 1)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة: 37] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَوْلُهُ: {فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة: 37] يَعْنِي عَلَى آدَمَ، وَالْهَاءُ الَّتِي فِي عَلَيْهِ عَائِدَةٌ عَلَى آدَمَ، وَقَوْلُهُ: {فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة: 37] يَعْنِي رَزَقَهُ التَّوْبَةَ مِنْ خَطِيئَتِهِ. وَالتَّوْبَةُ مَعْنَاهَا الْإِنَابَةُ إِلَى اللَّهِ وَالْأَوْبَةُ إِلَى طَاعَتِهِ مِمَّا يَكْرَهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا} [البقرة: 38] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ: {إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 37] أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ هُوَ التَّوَّابُ عَلَى مَنْ تَابَ إِلَيْهِ مِنْ عِبَادِهِ الْمُذْنِبِينَ مِنْ ذُنُوبِهِ التَّارِكُ مُجَازَاتِهِ بِإِنَابَتِهِ إِلَى طَاعَتِهِ بَعْدَ مَعْصِيَتِهِ بِمَا سَلَفَ مِنْ ذَنْبِهِ. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مَعْنَى التَّوْبَةِ مِنَ الْعَبْدِ إِلَى رَبِّهِ: إِنَابَتُهُ إِلَى طَاعَتِهِ، وَأَوْبَتُهُ إِلَى مَا يُرْضِيهِ بِتَرْكِهِ مَا يُسْخِطُهُ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا مُقِيمًا مِمَّا يَكْرَهُهُ رَبُّهُ، فَكَذَلِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَى عَبْدِهِ هُوَ أَنْ يَرْزُقَهُ ذَلِكَ، وَيَتُوبَ مِنْ غَضَبِهِ عَلَيْهِ إِلَى الرِّضَا عَنْهُ، وَمِنَ الْعُقُوبَةِ إِلَى الْعَفْوِ وَالصَّفْحِ عَنْهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: {الرَّحِيمُ} [الفاتحة: 1] فَإِنَّهُ يَعْنِي أَنَّهُ الْمُتَفَضِّلُ عَلَيْهِ مَعَ التَّوْبَةِ بِالرَّحْمَةِ، وَرَحْمَتُهُ إِيَّاهُ إِقَالَةُ عَثْرَتِهِ وَصَفْحُهُ عَنْ عُقُوبَةِ جُرْمِهِ

الصفحة 587