كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 1)
وَقَدْ ذَكَرْنَا الْقَوْلَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا} [البقرة: 38] فِيمَا مَضَى فَلَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى إِعَادَتِهِ إِذْ كَانَ مَعْنَاهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هُوَ مَعْنَاهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ
وَقَدْ حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ: " فِي قَوْلِهِ: {§اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا} [البقرة: 38] قَالَ: آدَمُ، وَحَوَّاءُ، وَالْحَيَّةُ، وَإِبْلِيسُ "
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى} [البقرة: 38] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ} [البقرة: 38] فَإِنْ يَأْتِكُمْ، وَمَا الَّتِي مَعَ إِنْ تَوْكِيدٌ لِلْكَلَامِ، وَلِدُخُولِهَا مَعَ إِنْ أُدْخِلَتِ النُّونُ الْمُشَدَّدَةُ فِي يَأْتِيَنَّكُمْ تَفْرِقَةً بِدُخُولِهَا بَيْنَ مَا الَّتِي تَأْتِي بِمَعْنَى تَوْكِيدِ الْكَلَامِ الَّتِي تُسَمِّيهَا أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ صِلَةً وَحَشْوًا، وَبَيْنَ مَا الَّتِي تَأْتِي بِمَعْنَى الَّذِي، فَتُؤْذِنُ بِدُخُولِهَا فِي الْفِعْلِ، أَنَّ مَا الَّتِي مَعَ إِنَّ الَّتِي بِمَعْنَى الْجَزَاءِ تَوْكِيدٌ، وَلَيْسَتْ مَا الَّتِي بِمَعْنَى الَّذِي. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرِيِّينَ: إِنَّ إِمَّا إِنْ زِيدَتْ مَعَهَا مَا، وَصَارَ الْفِعْلُ الَّذِي بَعْدَهُ بِالنُّونِ الْخَفِيفَةِ أَوِ الثَّقِيلَةِ، وَقَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ نُونٍ. وَإِنَّمَا حَسُنَتْ فِيهِ النُّونُ لَمَّا دَخَلَتْهُ مَا، لِأَنَّ مَا نَفْيٌ، فَهِيَ مِمَّا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَهِيَ الْحَرْفُ الَّذِي يَنْفِي الْوَاجِبَ، فَحَسُنَتْ فِيهِ النُّونُ، نَحْوَ قَوْلِهِمْ: بِعَيْنٍ مَا أَرَيَنَّكَ. حِينَ أُدْخِلَتْ فِيهَا مَا حَسُنَتِ النُّونُ فِيمَا هُنَا. وَقَدْ أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ دَعْوَى قَائِلِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ أَنَّ مَا الَّتِي مَعَ:
الصفحة 588