كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 1)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة: 40] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ:
§يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: 40] يَا وَلَدَ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ؛ وَكَانَ يَعْقُوبُ يُدْعَى إِسْرَائِيلَ، بِمَعْنَى عَبْدِ اللَّهِ وَصَفْوَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ؛ وَإِيلُ هُوَ اللَّهُ؛ وِإِسْرَا: هُوَ الْعَبْدُ، كَمَا قِيلَ جِبْرِيلُ بِمَعْنَى عَبْدِ اللَّهِ
وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ، عَنْ عُمَيْرٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " إِنَّ §إِسْرَائِيلَ كَقَوْلِكَ: عَبْدُ اللَّهِ "
وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْمِنْهَالِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: " §إِيلُ: اللَّهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ " وَإِنَّمَا خَاطَبَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: 40] أَحْبَارَ الْيَهُودِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ كَانُوا بَيْنَ ظَهْرَانَيْ مُهَاجَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَسَبَهُمْ جَلَّ ذِكْرُهُ إِلَى يَعْقُوبَ، كَمَا نَسَبَ ذُرِّيَّةَ آدَمَ إِلَى آدَمَ، فَقَالَ: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَإِنَّمَا خَصَّهُمْ بِالْخِطَابِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَالَّتِي بَعْدَهَا مِنَ الْآيِ الَّتِي ذَكَّرَهُمْ فِيهَا نِعَمَهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ مَا أَنْزَلَ فِيهِمْ وَفِي غَيْرِهِمْ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ مَا

الصفحة 593