كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 1)
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: 40] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُنَا مَعْنَى الْعَهْدِ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَاخْتِلَافَ الْمُخْتَلِفِينَ فِي تَأْوِيلِهِ وَالصَّوَابَ عِنْدَنَا مِنَ الْقَوْلِ فِيهِ. وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَهْدُ اللَّهِ وَوَصِيَّتُهُ الَّتِي أَخَذَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي التَّوْرَاةِ أَنْ يُبَيِّنُوا لِلنَّاسِ أَمْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَسُولٌ، وَأَنَّهُمْ يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّهُ نَبِيُّ اللَّهِ، وَأَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ {أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: 40] وَعَهْدُهُ إِيَّاهُمْ: أَنَّهُمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثَنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} [المائدة: 12] الْآيَةُ، وَكَمَا قَالَ: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} [الأعراف: 157] الْآيَةُ
وَكَمَا حَدَّثَنَا بِهِ ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، -[597]- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " {§وَأَوْفُوا بِعَهْدِي} [البقرة: 40] الَّذِي أَخَذْتُ فِي أَعْنَاقِكُمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَكُمْ {أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: 40] أَيْ أُنْجِزُ لَكُمْ مَا وَعَدْتُكُمْ عَلَيْهِ بِتَصْدِيقِهِ وَاتِّبَاعِهِ، بِوَضْعِ مَا كَانَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْإِصْرِ وَالْأَغْلَالِ الَّتِي كَانَتْ فِي أَعْنَاقِكُمْ بِذُنُوبِكُمُ الَّتِي كَانَتْ مِنْ إِحْدَاثِكُمْ "
الصفحة 596