كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 1)

قَوْلِهِ: {تَلْبَسُوا} [البقرة: 42] مِنَ الْحَرْفِ الْجَازِمِ، وَذَلِكَ هُوَ الْمَعْنَى الَّذِي يُسَمِّيهِ النَّحْوِيُّونَ صَرْفًا. وَنَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْمَعْنَى وَالْإِعْرَابِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
[البحر الكامل]
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ ... عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ
فَنُصِبَ تَأْتِي عَلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي قُلْنَا فِي قَوْلِهِ: {وَتَكْتُمُوا} [البقرة: 42] الْآيَةُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ: لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَلَا تَأْتِ مِثْلَهُ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَأَنْتَ تَأْتِي مِثْلَهُ. فَكَانَ الْأَوَّلُ نَهْيًا وَالثَّانِي خَبَرًا، فَنُصِبَ الْخَبَرُ إِذْ عَطَفَهُ عَلَى غَيْرِ شَكْلِهِ. فَأَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا أَنَّ الْآيَةَ تَحْتَمِلُهُمَا، فَهُوَ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ عَبَّاسٍ
الَّذِي حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " قَوْلُهُ: {وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ} [البقرة: 42] يَقُولُ: §وَلَا تَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ "
وَحَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " {§وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ} [البقرة: 42] أَيْ وَلَا تَكْتُمُوا الْحَقَّ " وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْهُمَا فَهُوَ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي الْعَالِيَةِ وَمُجَاهِدٍ
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ -[609]- أَبِي الْعَالِيَةِ: " {§وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 42] قَالَ: كَتَمُوا بَعْثَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، نَحْوَهُ وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، نَحْوَهُ وَأَمَّا تَأْوِيلُ الْحَقِّ الَّذِي كَتَمُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَهُ

الصفحة 608