كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 1)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 46] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالْهَاءُ وَالْمِيمُ اللَّتَانِ فِي قَوْلِهِ: {وَأَنَّهُمْ} [البقرة: 46] مِنْ ذِكْرِ الْخَاشِعِينِ، وَالْهَاءُ فِي إِلَيْهِ مِنْ ذِكْرِ الرَّبِّ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي قَوْلِهِ: {مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: 46] فَتَأْوِيلُ الْكَلِمَةِ: وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ الْمُوقِنِينَ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ. ثُمَّ اخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ الرُّجُوعِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ: {وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 46]
فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِمَا حَدَّثَنِي بِهِ الْمُثَنَّى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: " فِي قَوْلِهِ: {§وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 46] قَالَ: يَسْتَيْقِنُونَ أَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ بِمَوْتِهِمْ. وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالْآيَةِ الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ، قَالَ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 28] فَأَخْبَرَ اللَّهُ، جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ مَرْجِعَهُمْ، إِلَيْهِ بَعْدَ نَشْرِهِمْ وَإِحْيَائِهِمْ مِنْ مَمَاتِهِمْ، وَذَلِكَ لَا شَكَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَكَذَلِكَ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: {وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 46]
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 47] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَتَأْوِيلُ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ نَظِيرُ تَأْوِيلِهِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا فِي قَوْلِهِ: {اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي} [البقرة: 40] وَقَدْ ذَكَرْتُهُ -[629]- هُنَالِكَ

الصفحة 628