كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 1)
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [البقرة: 48] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ:
§وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48] وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي فِيهِ نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا. وَجَائِزٌ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ تَأْوِيلُهُ: وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِيهُ نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا، كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ:
قَدْ صَبَحَتْ صَبَّحَهَا السَّلَامُ ... بِكَبِدٍ خَالَطَهَا سَنَامُ
فِي سَاعَةٍ يُحَبُّهَا الطَّعَامُ
وَهُوَ يَعْنِي: يُحَبُّ فِيهَا الطَّعَامُ، فَحُذِفَتِ الْهَاءُ الرَّاجِعَةُ عَلَى الْيَوْمِ، إِذْ فِيهِ اجْتِزَاءٌ بِمَا ظَهَرَ مِنْ قَوْلِهِ: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ} [البقرة: 48] الدَّالُّ عَلَى الْمَحْذُوفِ مِنْهُ عَمَّا حُذِفَ، إِذْ كَانَ مَعْلُومًا مَعْنَاهُ. وَقَدْ زَعَمَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَحْذُوفُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إِلَّا الْهَاءَ. وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَحْذُوفُ إِلَّا فِيهِ. وَقَدْ دَلَّلْنَا فِيمَا مَضَى عَلَى جَوَازِ حَذْفِ كُلِّ مَا دَلَّ الظَّاهِرُ عَلَيْهِ.
الصفحة 631