كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 1)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: " ذُكِرَ لِي أَنَّهُ §لَمَّا تَقَارَبَ زَمَانُ مُوسَى أَتَى مُنَجِّمُو فِرْعَوْنَ وَحُزَاتُهُ إِلَيْهِ، فَقَالُوا لَهُ: تَعْلَمُ أَنَّا نَجِدُ فِي عِلْمِنَا أَنَّ مَوْلُودًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَظَلَّكَ زَمَانُهُ الَّذِي يُولَدُ فِيهِ، يَسْلُبُكَ مُلْكَكَ وَيَغْلِبُكَ عَلَى سُلْطَانِكَ، وَيُخْرِجُكَ مِنْ أَرْضِكَ، وَيُبَدِّلُ دِينَكَ. فَلَمَّا قَالُوا لَهُ ذَلِكَ، أَمَرَ بِقَتْلِ كُلِّ مَوْلُودٍ يُولَدُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْغِلْمَانِ، وَأَمَرَ بِالنِّسَاءِ يُسْتَحْيَيْنَ. فَجَمَعَ الْقَوَابِلَ مِنْ نِسَاءِ مَمْلَكَتِهِ، فَقَالَ لَهُنَّ: لَا يَسْقُطْنَ عَلَى أَيْدِيكُنَّ غُلَامٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا قَتَلْتُنَّهُ. فَكُنَّ يَفْعَلْنَ ذَلِكَ، وَكَانَ يَذْبَحُ مَنْ فَوْقَ ذَلِكَ مِنَ الْغِلْمَانِ، وَيَأْمُرُ بِالْحَبَالَى فَيُعَذَّبْنَ حَتَّى يَطْرَحْنَ مَا فِي بُطُونِهِنَّ "
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ -[650]- أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " لَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهُ §كَانَ لِيَأْمُرَ بِالْقَصَبِ فَيُشَقُّ حَتَّى يُجْعَلَ أَمْثَالَ الشِّفَارِ، ثُمَّ يُصَفُّ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ، ثُمَّ يُؤْتَى بِالْحَبَالَى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَيُوقَفْنَ عَلَيْهِ فَيَحُزَّ أَقْدَامَهُنَّ، حَتَّى إِنَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُنَّ لَتَمْصَعُ بِوَلَدِهَا فَيَقَعُ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهَا، فَتَظَلُّ تَطَؤُهُ تَتَّقِي بِهِ حَدَّ الْقَصَبِ عَنْ رِجْلِهَا لِمَا بَلَغَ مِنْ جَهْدِهَا. حَتَّى أَسْرَفَ فِي ذَلِكَ وَكَادَ يُفْنِيهِمْ، فَقِيلَ لَهُ: أَفْنَيْتَ النَّاسَ وَقَطَعْتَ النَّسْلَ، وَإِنَّهُمْ خَوَلُكَ وَعُمَّالُكَ. فَأَمَرَ أَنْ يُقْتَلَ الْغِلْمَانُ عَامًا وَيُسْتَحْيُوا عَامًا. فَوُلِدَ هَارُونُ فِي السَّنَةِ الَّتِي يُسْتَحْيَا فِيهَا الْغِلْمَانُ، وَوُلِدَ مُوسَى فِي السَّنَةِ الَّتِي فِيهَا يُقْتَلُونَ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالَّذِي قَالَهُ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَانَ ذَبْحُ آلِ فِرْعَوْنَ أَبْنَاءَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَاسْتِحْيَاؤُهُمْ نِسَاءَهُمْ فَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ إِذًا عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ الَّذِينَ ذَكَرْنَا قَوْلَهُمْ: {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} [البقرة: 49] يَسْتَبْقُونَهُنَّ فَلَا يَقْتُلُونَهُنَّ. وَقَدْ يَجِبُ عَلَى تَأْوِيلِ مَنْ قَالَ بِالْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ وَالسُّدِّيِّ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} [البقرة: 49] أَنَّهُ تَرْكُهُمُ الْإِنَاثَ مِنَ الْقَتْلِ عِنْدَ وِلَادَتِهِنَّ إِيَّاهُنَّ أَنْ يَكُونَ جَائِزًا أَنْ تُسَمَّى الطِّفْلَةُ مِنَ -[651]- الْإِنَاثِ فِي حَالِ صِبَاهَا وَبَعْدَ وِلَادِهَا امْرَأَةً، وَالصَّبَايَا الصِّغَارُ وَهُنَّ أَطْفَالٌ: نِسَاءٌ، لِأَنَّهُمْ تَأَوَّلُوا قَوْلَ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ: {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} [البقرة: 49] يَسْتَبْقُونَ الْإِنَاثَ مِنَ الْوِلْدَانِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ فَلَا يَقْتُلُونَهُنَّ. وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمُ ابْنُ جُرَيْجٍ
الصفحة 649