كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 1)
فَقَالَ بِمَا حَدَّثَنَا بِهِ الْقَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: " قَوْلُهُ: {§وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} [البقرة: 49] قَالَ: يَسْتَرِقُّونَ نِسَاءَكُمْ " فَحَادَ ابْنُ جُرَيْجٍ بِقَوْلِهِ هَذَا عَمَّا قَالَهُ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ فِي قَوْلِهِ: {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} [البقرة: 49] إِنَّهُ اسْتِحْيَاءُ الصَّبَايَا الْأَطْفَالَ، قَالَ: إِذْ لَمْ نَجِدْهُنَّ يَلْزَمْهُنَّ اسْمُ نِسَاءٍ. ثُمَّ دَخَلَ فِيمَا هُوَ أَعْظَمُ مِمَّا أَنْكَرَ بِتَأْوِيلِهِ وَيَسْتَحْيُونَ يَسْتَرِقُّونَ، وَذَلِكَ تَأْوِيلٌ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي لُغَةٍ عَرَبِيَّةٍ وَلَا عَجَمِيَّةٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الِاسْتِحْيَاءَ إِنَّمَا هُوَ اسْتِفْعَالٌ مِنَ الْحَيَاةِ نَظِيرَ الِاسْتِبْقَاءِ مِنَ الْبَقَاءِ وَالِاسْتِسْقَاءِ مِنَ السَّقْيِ، وَهُوَ مَعْنَى مِنَ الِاسْتِرْقَاقِ بِمَعْزِلٍ. وَقَدْ قَالَ آخَرُونَ: قَوْلُهُ {يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ} [البقرة: 49] بِمَعْنَى يَذْبَحُونَ رِجَالَكُمْ آبَاءَ أَبْنَائِكُمْ. وَأَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ الْمَذْبُوحُونَ الْأَطْفَالَ، وَقَدْ قَرَنَ بِهِمُ النِّسَاءَ. فَقَالُوا: فِي إِخْبَارِ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ الْمُسْتَحِينَ هُمُ النِّسَاءُ الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ كَانُوا يُذْبَحُونَ هُمُ الرِّجَالُ دُونَ الصِّبْيَانِ، لِأَنَّ الْمُذَبَّحِينَ لَوْ كَانُوا هُمُ
الصفحة 651