كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 1)

حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ: " §لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ مُوسَى أَنْ يَخْرُجَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ، يَعْنِي مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، أَمَرَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَخْرُجُوا وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَعِيرُوا الْحُلِيَّ مِنَ الْقِبْطِ. فَلَمَّا نَجَّى اللَّهُ مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْبَحْرِ، وَغَرِقَ آلُ فِرْعَوْنَ، أَتَى جِبْرِيلُ إِلَى مُوسَى يَذْهَبْ بِهِ إِلَى اللَّهِ، فَأَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ فَرَآهُ السَّامِرِيُّ، فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ: إِنَّهُ فَرَسُ الْحَيَاةِ. فَقَالَ حِينَ رَآهُ: إِنَّ لِهَذَا لَشَأْنًا. فَأَخَذَ مِنْ تُرْبَةِ الْحَافِرِ حَافِرِ الْفَرَسِ. فَانْطَلَقَ مُوسَى، وَاسْتَخْلَفَ هَارُونَ -[671]- عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَوَاعَدَهُمْ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً، وَأَتَمَّهَا اللَّهُ بِعَشْرٍ. فَقَالَ لَهُمْ هَارُونُ: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ. إِنَّ الْغَنِيمَةَ لَا تَحِلُّ لَكُمْ، وَإِنَّ حُلِيَّ الْقِبْطِ إِنَّمَا هُوَ غَنِيمَةٌ، فَاجْمَعُوهَا جَمِيعًا، وَاحْفُرُوا لَهَا حُفْرَةً فَادْفِنُوهَا، فَإِنْ جَاءَ مُوسَى فَأَحَلَّهَا أَخَذْتُمُوهَا، وَإِلَّا كَانَ شَيْئًا لَمْ تَأْكُلُوهْ. فَجَمَعُوا ذَلِكَ الْحُلِيَّ فِي تِلْكَ الْحُفْرَةِ، وَجَاءَ السَّامِرِيُّ بِتِلْكَ الْقَبْضَةِ، فَقَذَفَهَا، فَأَخْرَجَ اللَّهَ مِنَ الْحُلِيِّ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ. وَعَدَّتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ مَوْعِدَ مُوسَى، فَعَدُّوا اللَّيْلَةَ يَوْمًا وَالْيَوْمَ يَوْمًا، فَلَمَّا كَانَ تَمَامُ الْعِشْرِينَ خَرَجَ لَهُمُ الْعِجْلُ؛ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالَ لَهُمُ السَّامِرِيُّ: {هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ} [طه: 88] يَقُولُ: تَرَكَ مُوسَى إِلَهَهُ هَهُنَا وَذَهَبَ يَطْلُبُهُ. فَعَكَفُوا عَلَيْهِ يَعْبُدُونَهُ. وَكَانَ يَخُورُ وَيَمْشِي، فَقَالَ لَهُمْ هَارُونُ: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ {إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ} [طه: 90] يَقُولُ: إِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ بِهِ، يَقُولُ: بِالْعِجْلِ، وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ. فَأَقَامَ هَارُونُ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا يُقَاتِلُونَهُمْ. وَانْطَلَقَ مُوسَى إِلَى إِلَهِهِ يُكَلِّمُهُ، فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ لَهُ: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 84] {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} [طه: 85] فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُمْ، قَالَ مُوسَى: يَا رَبِّ هَذَا السَّامِرِيُّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَخِّذُوا الْعِجْلَ، أَرَأَيْتَ الرُّوحَ مَنْ نَفَخَهَا فِيهِ؟ قَالَ الرَّبُّ: أَنَا. قَالَ: رَبِّ أَنْتَ إِذًا أَضْلَلْتَهُمْ "

الصفحة 670