كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 1)

§قَوْلُهُ: {إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 37] يَعْنِي الرَّاجِعَ لِمَنْ أَنَابَ إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ إِلَى مَا يُحِبُّ مِنَ الْعَفْوِ عَنْهُ. وَيَعْنِي بِالرَّحِيمِ: الْعَائِدَ إِلَيْهِ بِرَحْمَتِهِ الْمُنْجِيَةِ مِنْ عُقُوبَتِهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [البقرة: 55] وَتَأْوِيلُ ذَلِكَ: وَاذْكُرُوا أَيْضًا إِذْ قُلْتُمْ: يَا مُوسَى لَنْ نُصَدِّقَكَ وَلَنْ نُقِرَّ بِمَا جِئْتَنَا بِهِ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً عِيَانًا، بِرَفْعِ السَّاتِرِ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، وَكَشْفِ الْغِطَاءِ دُونَنَا وَدُونَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَيْهِ بِأَبْصَارِنَا، كَمَا تُجْهَرُ الرَّكِيَّةُ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ مَاؤُهَا قَدْ غَطَّاهُ الطِّينُ، فَنَفَى مَا قَدْ غَطَّاهُ حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ وَصَفَا، يُقَالُ مِنْهُ: قَدْ جُهِرَتِ الرَّكِيَّةُ أَجْهَرَهَا جَهْرًا وَجَهْرَةً؛ وَلِذَلِكَ قِيلَ: قَدْ جَهَرَ فُلَانٌ بِهَذَا الْأَمْرِ -[688]- مُجَاهَرَةً وَجِهَارًا: إِذَا أَظْهَرَهُ لَرَأْيِ الْعَيْنِ وَأَعْلَنَهُ، كَمَا قَالَ الْفَرَزْدَقُ بْنُ غَالِبٍ:
مِنَ اللَّائِي يَضِلُّ الْأَلْفُ مِنْهُ ... مِسَحًّا مِنْ مُخَالَفَتِهِ جِهَارَا

الصفحة 687