كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 1)
وَعَظِيمِ شَأْنِهِ إِلَى هَلَاكٍ وَعَطَبٍ، وَإِلَى ذَهَابِ عَقْلٍ وَغُمُورِ فَهْمٍ، أَوْ فَقْدِ بَعْضِ آلَاتِ الْجِسْمِ، صَوْتًا كَانَ ذَلِكَ، أَوْ نَارًا، أَوْ زَلْزَلَةً، أَوْ رَجْفًا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَصْعُوقًا وَهُوَ حَيٌّ غَيْرُ مَيِّتٍ، قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [الأعراف: 143] يَعْنِي مَغْشِيًّا عَلَيْهِ. وَمِنْهُ قَوْلُ جَرِيرِ بْنِ عَطِيَّةَ:
وَهَلْ كَانَ الْفَرَزْدَقُ غَيْرَ قِرْدٍ ... أَصَابَتْهُ الصَّوَاعِقُ فَاسْتَدَارَا
فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ مُوسَى لَمْ يَكُنْ حِينَ غُشِيَ عَلَيْهِ وَصُعِقَ مَيِّتًا؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ أَخْبَرَ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا أَفَاقَ قَالَ: {تُبْتُ إِلَيْكَ} [الأعراف: 143] وَلَا شَبَهَ جَرِيرٍ الْفَرَزْدَقَ وَهُوَ حَيٌّ بِالْقِرْدِ مَيِّتًا، وَلَكِنْ مَعْنَى ذَلِكَ مَا وَصَفْنَا
§وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ: {وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [البقرة: 50] وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ إِلَى الصَّاعِقَةِ الَّتِي أَصَابَتْكُمْ، يَقُولُ: أَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ عِيَانًا جِهَارًا وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيْهَا
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 56]
§يَعْنِي بِقَوْلِهِ: {ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ} [البقرة: 56] ثُمَّ أَحْيَيْنَاكُمْ وَأَصْلُ الْبَعْثِ: إِثَارَةُ الشَّيْءِ مِنْ مَحِلِّهِ، وَمِنْهُ قِيلَ: بَعَثَ فُلَانٌ رَاحِلَتَهُ: إِذَا أَثَارَهَا مِنْ مَبْرَكِهَا لِلسَّيْرِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
-[692]- فَأَبْعَثُهَا وَهِيَ صَنِيعُ حَوْلٍ ... كَرُكْنِ الرَّعْنِ ذِعْلِبَةٍ وَقَاحَا
وَالرَّعْنُ: مُنْقَطِعُ أَنْفِ الْجَبَلِ، وَالذِّعْلِبَةُ: الْخَفِيفَةُ، وَالْوَقَاحُ، الشَّدِيدَةُ الْحَافِرُ أَوِ الْخُفِّ وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ: بَعَثْتُ فُلَانًا لِحَاجَتِي: إِذَا أَقَمْتُهُ مِنْ مَكَانِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ لِلتَّوَجُّهِ فِيهَا. وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ: يَوْمُ الْبَعْثِ، لِأَنَّهُ يَوْمٌ يُثَارُ النَّاسُ فِيهِ مِنْ قُبُورِهِمْ لِمَوْقِفِ الْحِسَابِ
الصفحة 691
742