كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 2)

قَدْ دَلَّلْنَا فِيمَا مَضَى قَبْلُ عَلَى مَعْنَى الصَّبْرِ، وَأَنَّهُ كَفُّ النَّفْسِ وَحَبْسُهَا عَنِ الشَّيْءِ. فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَمَعْنَى الْآيَةِ إِذًا: وَاذْكُرُوا إِذْ قُلْتُمْ يَا مَعْشَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَنْ نُطِيقَ حَبْسَ أَنْفُسِنَا عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ الطَّعَامُ الْوَاحِدُ هُوَ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ أَطْعَمَهُمُوهُ فِي تِيهِهِمْ وَهُوَ السَّلْوَى فِي قَوْلِ بَعْضِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ، وَفِي قَوْلِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ هُوَ الْخُبْزُ النَّقِيُّ مَعَ اللَّحْمِ، فَاسْأَلْ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تَنْبُتُ الْأَرْضُ مِنَ الْبَقْلِ وَالْقِثَّاءِ. وَمَا سَمَّى اللَّهُ مَعَ ذَلِكَ وَذَكَرَ أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ مُوسَى. وَكَانَ سَبَبُ مَسْأَلَتِهِمْ مُوسَى ذَلِكَ فِيمَا بَلَغَنَا
مَا حَدَّثَنَا بِهِ، بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: " قَوْلُهُ: {§وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ} [البقرة: 61] قَالَ: كَانَ الْقَوْمُ فِي الْبَرِيَّةِ قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِمُ الْغَمَامُ، وَأُنْزِلَ عَلَيْهِمُ الْمَنُّ وَالسَّلْوَى، فَمَلُّوا ذَلِكَ، وَذَكَرُوا عَيْشًا كَانَ لَهُمْ بِمِصْرَ، فَسَأَلُوهُ مُوسَى، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ} [البقرة: 61] "
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ: " فِي قَوْلِهِ: {§لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ} [البقرة: 61] قَالَ: مَلُّوا طَعَامَهُمْ، وَذَكَرُوا عَيْشَهُمُ الَّذِي كَانُوا فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ، قَالُوا: {فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَخْرُجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا} [البقرة: 61] الْآيَةَ "
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: " فِي قَوْلِهِ: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ} [البقرة: 61] قَالَ: §كَانَ طَعَامُهُمُ السَّلْوَى، وَشَرَابُهُمُ الْمَنَّ، فَسَأَلُوا مَا ذَكَرَ، فَقِيلَ لَهُمْ: {اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ -[13]- لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ} [البقرة: 61] " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنَّهُمْ لَمَّا قَدِمُوا الشَّأْمَ فَقَدُوا أَطْعِمَتَهُمُ الَّتِي كَانُوا يَأْكُلُونَهَا، فَقَالُوا: {فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَخْرُجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا} [البقرة: 61] وَكَانُوا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِمُ الْغَمَامُ وَأُنْزِلَ عَلَيْهِمُ الْمَنُّ وَالسَّلْوَى، فَمَلُّوا ذَلِكَ، وَذَكَرُوا عَيْشًا كَانُوا فِيهِ بِمِصْرَ

الصفحة 12