كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 2)

:
[البحر الطويل]
تَعَالَ فَإِنْ عَاهَدْتَنِي لَا تَخُونُنِي ... نَكُنْ مِثْلَ مَنْ يَا ذِئْبُ يَصْطَحِبَانِ
فَثَنَّى يَصْطَحِبَانِ لِمَعْنَى مِنْ. فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [البقرة: 62] وَحَّدَ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا لِلَفْظِ مِنْ، وَجَمَعَ ذِكْرَهُمْ فِي قَوْلِهِ: {فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ} [البقرة: 62] لِمَعْنَاهُ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى جَمْعٍ
§وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 62] فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ فِيمَا قَدِمُوا عَلَيْهِ مِنْ أَهْوَالِ الْقِيَامَةِ، وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ عَلَى مَا خَلَّفُوا وَرَاءَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا وَعَيْشِهَا عِنْدَ مُعَايَنَتِهِمْ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الثَّوَابِ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ عِنْدَهُ. ذِكْرُ مَنْ قَالَ عُنِيَ بِقَوْلِهِ: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} [البقرة: 62] مُؤْمِنُو أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ أَدْرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالَ: ثنا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ: " {إِنَّ §الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا} [البقرة: 62] الْآيَةُ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَصْحَابِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَكَانَ سَلْمَانُ مِنْ جُنْدِيسَابُورَ، وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ، وَكَانَ ابْنُ الْمَلِكِ صَدِيقًا لَهُ مُؤَاخِيًا، لَا يَقْضِي وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَمْرًا دُونَ صَاحِبِهِ، وَكَانَا يَرْكَبَانِ إِلَى الصَّيْدِ جَمِيعًا. فَبَيْنَمَا هُمَا فِي الصَّيْدِ إِذْ رُفِعَ لَهُمَا بَيْتٌ مِنْ عَبَاءٍ، فَأَتَيَاهُ فَإِذَا هُمَا فِيهِ بِرَجُلٍ بَيْنَ يَدَيْهِ مُصْحَفٌ يَقْرَأُ فِيهِ وَهُوَ يَبْكِي،

الصفحة 40