كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 2)
سَأَلُوهُمْ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي يَهُودَ» وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَبَيَّنُوا} [البقرة: 160] إِنَّمَا هُو: وَبَيَّنُوا التَّوْبَةَ بِإِخْلَاصِ الْعَمَلِ. وَدَلِيلُ ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالتَّنْزِيلِ بِخِلَافِهِ، لِأَنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا عُوتِبُوا قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى كِتْمَانِهِمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَبَيَّنَهُ فِي كِتَابِهِ فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِينِهِ. ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْهُمْ تَعَالَى ذِكْرُهُ الَّذِينَ يُبَيِّنُونَ أَمْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِينَهُ فَيَتُوبُونَ مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الْجُحُودِ وَالْكِتْمَانِ، فَأَخْرَجَهُمْ مِنْ عَذَابٍ مَنْ يَلْعَنْهُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُ اللَّاعِنُونَ. وَلَمْ يَكُنِ الْعِتَابُ عَلَى تَرْكِهِمْ تَبْيِينَ التَّوْبَةَ بِإِخْلَاصِ الْعَمَلِ. وَالَّذِينَ اسْتَثْنَى اللَّهُ مِنَ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَّامِ وَذَوُوهُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا فَحَسَنُ إِسْلَامُهُمْ وَاتَّبَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [البقرة: 161]
§يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [البقرة: 6] إِنَّ الَّذِينَ جَحَدُوا نُبُوَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَّبُوا بِهِ مِنَ الْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى، وَسَائِرِ أَهْلِ الْمِلَلِ وَالْمُشْرِكِينَ مِنْ عَبْدَةِ الْأَوْثَانِ {وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ} [البقرة: 161] يَعْنِي وَمَاتُوا وَهُمْ عَلَى جُحُودِهِمْ ذَلِكَ وَتَكْذِيبِهِمْ
الصفحة 740
765