كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 3)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ} [البقرة: 164] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ فِي الْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ. وَالْفُلْكُ هُوَ السُّفُنُ، وَاحِدُهُ وَجَمْعُهُ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ كَمَا قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي تَذْكِيرِهِ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلَنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [يس: 41] فَذَكَّرَهُ، وَقَدْ قَالَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ} [البقرة: 164] وَهِيَ مَجْرَاةُُ؛ لِأَنَّهَا إِذَا أُجْرِيَتْ فَهِيَ الْجَارِيَةُ، فَأُضِيفَ إِلَيْهَا مِنَ الصِّفَةِ مَا هُوَ لَهَا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ} [البقرة: 164] فَإِنَّ مَعْنَاهُ: يَنْفَعُ النَّاسَ فِي الْبَحْرِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [البقرة: 164] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: {وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ} [البقرة: 164] وَفِيمَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ، وَهُوَ الْمَطَرُ الَّذِي يُنْزِلُهُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ
§وَقَوْلُهُ: {فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [البقرة: 164] وَإِحْيَاؤُهَا: عِمَارَتُهَا وَإِخْرَاجُ نَبَاتِهَا، -[12]- وَالْهَاءُ الَّتِي فِي «بِهِ» عَائِدَةٌ عَلَى الْمَاءِ، وَالْهَاءُ وَالْأَلِفُ فِي قَوْلِهِ: {بَعْدَ مَوْتِهَا} [البقرة: 164] عَلَى الْأَرْضِ، وَمَوْتُ الْأَرْضِ: خَرَابُهَا وَدُثُورُ عِمَارَتِهَا، وَانْقِطَاعُ نَبَاتِهَا الَّذِي هُوَ لِلْعِبَادِ أَقْوَاتٌ، وَلِلْأَنَامِ أَرْزَاقٌ

الصفحة 11