كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 3)
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ «إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ §كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِصَاصُ، وَخُفِّفَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ» وَتَلَا، عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: 178] وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ: الْقِصَاصُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَعْنَاهُ: قِصَاصُ الدِّيَاتِ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ عَلَى مَا قَالَهُ السُّدِّيُّ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَأْوِيلُهُ: هَذَا الَّذِي فَعَلْتُ بِكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْ قِصَاصِ دِيَاتِ قَتْلَى بَعْضُكُمْ بِدِيَاتِ بَعْضٍ وَتَرْكُ إِيجَابِ الْقَوَدِ عَلَى الْبَاقِينَ مِنْكُمْ بِقَتِيلِهِ الَّذِي قَتَلَهُ وَأَخْذِهِ بِدِيَتِهِ، تَخْفِيفٌ مِنِّي عَنْكُمْ ثِقَلٌ مَا كَانَ عَلَيْكُمْ مِنْ حُكْمِي عَلَيْكُمْ بِالْقَوَدِ، أَوِ الدِّيَةِ وَرَحْمَةٌ مِنِّي لَكُمْ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 178] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ} [البقرة: 178] فَمَنْ تَجَاوَزَ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ لَهُ بَعْدَ أَخْذِهِ الدِّيَةَ اعْتِدَاءً وَظُلْمًا إِلَى مَا لَمْ يُجْعَلْ لَهُ مِنْ قَتْلِ قَاتِلِ وَلِيِّهِ وَسَفْكِ دَمِهِ، فَلَهُ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ وَتَعَدِّيهِ إِلَى مَا قَدْ حَرَّمْتُهُ عَلَيْهِ عَذَابٌ أَلِيمٌ. وَقَدْ بَيَّنْتُ مَعْنَى الِاعْتِدَاءِ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. -[115]- وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ
الصفحة 114