كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 3)
§وَأَمَّا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: {يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 179] فَإِنَّهُ: يَا أُولِي الْعُقُولِ. وَالْأَلْبَابُ جَمْعُ اللُّبُّ، وَاللُّبُّ الْعَقْلُ. وَخَصَّ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِالْخِطَابِ أَهْلَ الْعُقُولِ؛ لِأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ عَنِ اللَّهِ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ وَيَتَدَبَّرُونَ آيَاتِهِ وَحُجَجَهُ دُونَ غَيْرِهِمْ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21] وَتَأْوِيلُ قَوْلِهِ: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21] أَيْ تَتَّقُونَ الْقِصَاصَ فَتَنْتَهُونَ عَنِ الْقَتْلِ
كَمَا حَدَّثَنِي بِهِ يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ " {§لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179] قَالَ: لَعَلَكَ تَتَّقِي أَنْ تَقْتُلَهُ فَتَقْتُلَ بِهِ "
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 180]
§يَعْنِي بِقَوْلِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ {كُتِبَ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 178] فُرِضَ عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْوَصِيَّةُ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: 180] وَالْخَيْرُ: الْمَالُ {لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] الَّذِينَ لَا يَرِثُونَهُ، {بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 178] وَهُوَ مَا أَذِنَ اللَّهُ فِيهِ وَأَجَازَهُ فِي الْوَصِيَّةِ مِمَّا لَمْ يُجَاوِزِ الثُّلُثَ، وَلَمْ يَتَعَمَّدِ الْمُوصِي ظُلْمَ وَرَثَتِهِ {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 180] يَعْنِي بِذَلِكَ: فُرِضَ عَلَيْكُمْ هَذَا وَأَوْجَبَهُ، وَجَعَلَهُ حَقًّا وَاجِبًا عَلَى مَنِ اتَّقَى اللَّهَ فَأَطَاعَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: أَوْ فُرِضَ عَلَى الرَّجُلِ ذِي الْمَالِ أَنْ يُوصِيَ لِوَالِدَيْهِ وَأَقْرَبِيهِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَهُ؟ قِيلَ: نَعَمْ.
الصفحة 123