كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 3)
بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 178] وَقَدْ مَضَى بَيَانُ ذَلِكَ هُنَالِكَ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] فَإِنَّ قِرَاءَةَ كَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} [البقرة: 184] وَعَلَى ذَلِكَ خُطُوطُ مَصَاحِفِهِمْ، وَهِيَ الْقِرَاءَةُ الَّتِي لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ خِلَافَهَا لِنَقْلِ جَمِيعِهِمْ تَصْوِيبَ ذَلِكَ قَرْنًا عَنْ قَرْنٍ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَؤُهَا فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ: «وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوِّقُونَهُ» . ثُمَّ اخْتَلَفَ قُرَّاءُ ذَلِكَ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} [البقرة: 184] فِي مَعْنَاهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ مَا فُرِضَ الصَّوْمُ، وَكَانَ مَنْ أَطَاقَهُ مِنَ الْمُقِيمِينَ صَامَهُ إِنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَهُ وَافْتَدَى فَأَطْعَمَ لِكُلِّ يَوْمٍ أَفْطَرَهُ مِسْكِينًا حَتَّى نُسِخَ ذَلِكَ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: ثنا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَصَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ فَرَضَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {§يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] حَتَّى بَلَغَ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ، وَأَطْعَمَ مِسْكِينًا. ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ الصِّيَامَ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُقِيمِ، وَثَبَتَ الْإِطْعَامُ لِلْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الصَّوْمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ} [البقرة: 185] . إِلَى آخِرِ الْآيَةِ "
الصفحة 161