كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 3)
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا سُوَيْدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي قَوْلِهِ " {§وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] قَالَ: كَانَتِ النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] أُمِرُوا بِالصَّوْمِ، وَالْقَضَاءِ، فَقَالَ: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185] "
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ " {§وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] قَالَ: نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنٍ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 184] "
حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ، " {§وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] قَالَ: نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي تَلِيهَا: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] "
حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ، قَالَ: ثنا الْفَضْلُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَوْلِهِ: {§كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] الْآيَةَ، " فُرِضَ الصَّوْمُ مِنَ الْعَتَمَةِ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْقَابِلَةِ، فَإِذَا صَلَّى الرَّجُلُ الْعَتَمَةَ حُرَّمَ عَلَيْهِ الطَّعَامُ، وَالْجِمَاعُ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْقَابِلَةِ، ثُمَّ نَزَلَ الصَّوْمُ الْآخَرُ بِإِحْلَالِ الطَّعَامِ، وَالْجِمَاعِ بِاللَّيْلِ -[167]- كُلِّهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: 187] إِلَى قَوْلِهِ: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187] وَأَحَلَّ الْجِمَاعَ أَيْضًا فَقَالَ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] وَكَانَ فِي الصَّوْمِ الْأَوَّلِ الْفِدْيَةُ، فَمَنْ شَاءَ مِنْ مُسَافِرٍ، أَوْ مُقِيمٍ أَنْ يُطْعِمَ مِسْكِينًا وَيُفْطِرَ فَعَلَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِي الصَّوْمِ الْآخَرِ الْفِدْيَةَ، وَقَالَ: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] فَنَسَخَ هَذَا الصَّوْمَ الْآخَرَ الْفِدْيَةُ " وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ كَانَ قَوْلِهِ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] حُكْمًا خَاصًّا لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَالْعَجُوزِ اللَّذَيْنِ يُطِيقَانِ الصَّوْمَ كَانَ مُرَخَّصًا لَهُمَا أَنْ يَفْدِيَا صَوْمَهُمَا بِإِطْعَامِ مِسْكِينٍ، وَيُفْطِرَا، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] فَلَزِمَهُمَا مِنَ الصَّوْمِ مِثْلُ الَّذِي لَزِمَ الشَّابَّ إِلَّا أَنْ يَعْجَزَا عَنِ الصَّوْمِ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْحُكْمُ الَّذِي كَانَ لَهُمَا قَبْلَ النَّسْخِ ثَابِتًا لَهُمَا حِينَئِذٍ بِحَالِهِ.
الصفحة 166