كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 3)

ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ , حَدَّثَنِي مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، {§وَمَنِ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} [البقرة: 165] قَالَ «الْأَنْدَادُ مِنَ الرِّجَالِ يُطِيعُونَهُمْ كَمَا يُطِيعُونَ اللَّهَ إِذَا أَمَرُوهُمْ أَطَاعُوهُمْ وَعَصَوْا اللَّهَ» فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَكَيْفَ قِيلَ كَحُبِّ اللَّهِ، وَهَلْ يُحِبُّ اللَّهَ الْأَنْدَادُ؟ وَهَلْ كَانَ مُتَّخِذُو الْأَنْدَادِ يُحِبُّونَ اللَّهَ فَيُقَالُ يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ؟ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا ذَهَبْتَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا نَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ: بِعْتُ غُلَامِي كَبَيْعِ غُلَامِكَ، بِمَعْنَى: بِعْتُهُ كَمَا بِيَعَ غُلَامُكَ وَكَبَيْعِكَ غُلَامَكَ، وَاسْتَوْفَيْتُ حَقِّي مِنْهُ اسْتِيفَاءَ حَقِّكَ، بِمَعْنَى: اسْتِيفَائِكَ حَقَّكَ. فَتُحْذَفُ مِنَ الثَّانِي كِنَايَةُ اسْمِ الْمُخَاطَبِ اكْتِفَاءً بِكِنَايَتِهِ فِي «الْغُلَامِ» وَ «الْحَقِّ» ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الوافر]
فَلَسْتُ مُسَلِّمًا مَا دُمْتُ حَيًّا ... عَلَى زَيْدٍ بِتَسْلِيمِ الْأَمِيرِ
يَعْنِي بِذَلِكَ: كَمَا يُسَلَّمُ عَلَى الْأَمِيرِ. فَمَعْنَى الْكَلَامِ إِذًا: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} [البقرة: 165]

الصفحة 18