كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 3)

وَالْآخِرَةِ دُونَ مَنْ سِوَاهُ مِنَ الْأَنْدَادِ وَالْآلِهَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ لِمَنْ أَشْرَكَ بِهِ وَادَّعَى مَعَهُ شُرَكَاءَ وَجَعَلَ لَهُ نِدًّا. وَقَدْ يَحْتَمِلُ وَجْهًا آخَرَ فِي قِرَاءَةِ مَنْ كَسَرَ «إِنَّ» فِي «تَرَى» بِالتَّاءِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: وَلَوْ تَرَى يَا مُحَمَّدُ الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ، يَقُولُونَ: إِنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا، وَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ. ثُمَّ تُحْذَفُ الْقَوْلُ وَتَكْفِي مِنْهُ بِالْمَقُولِ. وَقَرَأَ ذَلِكَ آخَرُونَ: {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [البقرة: 165] بِالْيَاءِ {إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} [البقرة: 165] بِفَتْحِ الْأَلِفِ مِنْ أَنِّ وَأَنَّ، بِمَعْنَى: وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابَ اللَّهِ الَّذِي أُعِدَّ لَهُمْ فِي جَهَنَّمَ لَعَلِمُوا حِينَ يَرَوْنَهُ فَيُعَايِنُونَهُ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ، إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ. فَتَكُونُ «أَنْ» الْأُولَى مَنْصُوبَةً لِتَعَلُّقِهَا بِجَوَابِ «لَوْ» الْمَحْذُوفِ وَيَكُونُ الْجَوَّابُ مَتْرُوكًا، وَتَكُونُ الثَّانِيَةُ مَعْطُوفَةً عَلَى الْأُولَى وَهَذِهِ قِرَاءَةُ عَامَّةِ الْقُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ، وَالْبَصْرِيِّينَ، وَأَهْلِ مَكَّةَ وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ أَنَّ تَأْوِيلَ قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ: {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} [البقرة: 165] بِالْيَاءِ فِي يَرَى وَفَتَحَ الْأَلِفَيْنِ فِي «أَنَّ» وَ «أَنَّ» : وَلَوْ يَعْلَمُونَ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا عَلِمُوا قَدْرَ مَا يُعَايِنُونَ مِنَ الْعَذَابِ. وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ، فَإِذَا قَالَ: «وَلَوْ تَرَى» ، فَإِنَّمَا يُخَاطِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَسَرَ «إِنَّ» عَلَى الِابْتِدَاءِ إِذَا قَالَ: «وَلَوْ يَرَى» جَازَ، لِأَنَّ «لَوْ يَرَى» : لَوْ يَعْلَمُ وَقَدْ يَكُونُ «لَوْ يَعْلَمُ» فِي مَعْنَى لَا يَحْتَاجُ مَعَهَا إِلَى

الصفحة 20