كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 3)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {كَذَلِكَ يُرِيَهُمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ} [البقرة: 167] وَمَعْنَى قَوْلِهِ: {كَذَلِكَ يُرِيَهُمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ} [البقرة: 167] يَقُولُ: كَمَا أَرَاهُمُ الْعَذَابَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ: {وَرَأَوُا الْعَذَابَ} [البقرة: 166] الَّذِي كَانُوا يُكَذِّبُونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا، فَكَذَلِكَ يُرِيَهُمْ أَيْضًا أَعْمَالَهُمُ الْخَبِيثَةَ الَّتِي اسْتَحَقُّوا بِهَا الْعُقُوبَةَ مِنَ اللَّهِ {حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ} [البقرة: 167] يَعْنِي نَدَامَاتٍ. وَالْحَسَرَاتُ جَمْعُ حَسْرَةٍ، وَكَذَلِكَ كُلُّ اسْمٍ كَانَ وَاحِدُهُ عَلَى «فَعْلَةٍ» مَفْتُوحُ الْأَوَّلِ سَاكِنُ الثَّانِي، فَإِنَّ جَمْعَهُ عَلَى «فَعَلَاتٍ» ، مِثْلَ شَهْوَةٍ وَتَمْرَةٍ تُجْمَعُ شَهَوَاتٍ وَتَمَرَاتٍ، مُثَقَّلَةُ الثَّوَانِي مِنْ حُرُوفِهَا. فَأَمَّا إِذَا كَانَ نَعْتًا فَإِنَّكَ تَدَعُ ثَانِيَةً سَاكِنًا مِثْلَ ضَخْمَةً تَجْمَعُهَا ضَخَمَاتٍ، وَعَبْلَةُ تَجْمَعُهَا عَبْلَاتٌ، وَرُبَّمَا سُكِّنَ الثَّانِي فِي الْأَسْمَاءِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الرجز]
عَلَّ صُرُوفَ الدَّهْرِ ... أَوْ دُولَاتِهَا يُدِلْنَنَا اللَّمَّةَ مِنْ لَمَّاتِهَا
فَتَسْتَرِيحَ النَّفْسُ مِنْ زَفْرَاتِهَا
فَسَكَّنَ الثَّانِيَ مِنَ «الزَّفَرَاتِ» وَهِيَ اسْمٌ

الصفحة 32