كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 3)
الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ الْآيَةِ نَزَلَتْ فِيهِمْ. وَبِمَا قُلْنَا: مِنْ أَنِّ هَذِهِ الْآيَةَ مَعْنِيُّ بِهَا الْيَهُودُ كَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ
حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: قَالَ لِي عَطَاءٌ، فِي هَذِهِ الْآيَةِ " هُمُ الْيَهُودُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: {§إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} [البقرة: 174] إِلَى قَوْلِهِ: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} [البقرة: 175] ، وَأَمَّا قَوْلُهُ {يَنْعِقُ} [البقرة: 171] فَإِنَّهُ يُصَوِّتُ بِالْغَنَمِ النَّعِيقَ وَالنِّعَاقَ " وَمِنْهُ قَوْلُ الْأَخْطَلِ:
[البحر الكامل]
فَانْعِقْ بِضَأْنِكَ يَا جَرِيرُ ... فَإِنَّمَا مَنَّتْكَ نَفْسُكَ فِي الْخَلَاءِ ضَلَالَا
يَعْنِي: صَوِّتْ بِهِ
§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [البقرة: 171] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [البقرة: 18] هَؤُلَاءِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً، وَنِدَاءً، صُمٌّ عَنِ الْحَقِّ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ، بُكْمٌ يَعْنِي خُرْسٌ عَنْ قِيلَ الْحَقِّ وَالصَّوَابِ وَالْإِقْرَارِ بِمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ أَنْ يُقِرُّوا بِهِ وَتَبْيِينِ مَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنْ يُبَيِّنُوهُ مِنْ أَمْرِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسٍ، فَلَا يَنْطِقُونَ بِهِ وَلَا يَقُولُونَهُ وَلَا يُبَيِّنُونَهُ لِلنَّاسِ، عَمًى عَنِ الْهُدَى وَطَرِيقِ الْحَقِّ فَلَا يُبْصِرُونَهُ
كَمَا حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلَهُ: {صُمٌّ -[52]- بُكْمٌ عُمْيٌ} [البقرة: 171] يَقُولُ «§صُمٌّ عَنِ الْحَقِّ فَلَا يَسْمَعُونَهُ وَلَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ وَلَا يَعْقِلُونَهُ، عُمْيٌ عَنِ الْحَقِّ وَالْهُدَى فَلَا يُبْصِرُونَهُ، بُكْمٌ عَنِ الْحَقِّ فَلَا يَنْطِقُونَ بِهِ»
الصفحة 51