كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 3)

§الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 173] يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ: {فَمَنِ اضْطُرَّ} [البقرة: 173] فَمَنْ حَلَّتْ بِهِ ضَرُورَةُ مَجَاعَةٍ إِلَى مَا حَرَّمْتُ عَلَيْكُمْ مِنَ الْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَهُوَ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَصَفْنَا، فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي أَكْلِهِ إِنْ أَكَلَهُ. وَقَوْلُهُ: {فَمَنِ اضْطُرَّ} [البقرة: 173] افْتُعِلَ مِنَ الضَّرُورَةِ، «وَغَيْرَ بَاغٍ» نُصِبَ عَلَى الْحَالِ مِنْ «مَنِ» فَكَأَنَّهُ قِيلَ: فَمَنِ اضْطُرَّ لَا بَاغِيًا، وَلَا عَادِيًا فَأَكَلَهُ، فَهُوَ لَهُ حَلَالٌ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: {فَمَنِ اضْطُرَّ} [البقرة: 173] فَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى أَكْلِهِ فَأَكَلَهُ، فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَهْوَازِيُّ، قَالَ: ثنا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلِهِ {§فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} [البقرة: 173] قَالَ: الرَّجُلُ يَأْخُذُهُ الْعَدُوُّ فَيَدْعُونَهُ إِلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ "
§وَأَمَّا قَوْلُهُ: {غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} [البقرة: 173] فَإِنَّ أَهْلَ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِهِ مُخْتَلِفُونَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَعْنِي بِقَوْلِهِ: {غَيْرَ بَاغٍ} [البقرة: 173] غَيْرَ خَارِجٍ عَلَى الْأَئِمَّةِ -[59]- بِسَيْفِهِ بَاغِيًا عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ جَوْرٍ، وَلَا عَادِيًا عَلَيْهِمْ بِحَرْبٍ وَعُدْوَانٍ فُمُفْسِدٌ عَلَيْهِمُ السَّبِيلَ

الصفحة 58