كتاب تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (اسم الجزء: 3)

الْكِتَابَ بِالْحَقِّ، وَتَنْزِيلُهُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ هُوَ خَبَرُهُ عَنْهُمْ فِي قَوْلِهِ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةً وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: 7] فَهُمْ مَعَ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ لَا يَكُونُ مِنْهُمْ غَيْرُ اشْتِرَاءِ الضَّلَالَةِ بِالْهُدَى وَالْعَذَابِ بِالْمَغْفِرَةِ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ ذَلِكَ مَعْلُومٌ لَهُمْ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ؛ لِأَنَّا قَدْ أُخْبِرْنَا فِي الْكِتَابِ أَنَّ ذَلِكَ لَهُمْ، وَالْكِتَابُ حَقٌّ. كَأَنَّ قَائِلِي هَذَا الْقَوْلِ كَانَ تَأْوِيلُ الْآيَةِ عِنْدَهُمْ ذَلِكَ الْعَذَابُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَيْهِ، مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَهُمْ، لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَخْبَرَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ تَنْزِيلِهِ أَنَّ النَّارَ لِلْكَافِرِينَ، وَتَنْزِيلُهُ حَقٌّ، فَالْخَبَرُ عَنْ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ مُضْمَرٌ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ وَصَفَ أَهْلَ النَّارِ فَقَالَ: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} [البقرة: 175] ثُمَّ قَالَ: هَذَا الْعَذَابُ بِكُفْرِهِمْ، وَ «هَذَا» هَاهُنَا عِنْدَهُمْ هِيَ الَّتِي يَجُوزُ مَكَانَهَا «ذَلِكَ» كَأَنَّهُ قَالَ: فَعَلْنَا ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَكَفَرُوا بِهِ، قَالَ: فَيَكُونُ «ذَلِكَ» إِذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْنَاهُ نَصْبًا وَيَكُونُ رَفْعًا بِالْبَاءِ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِتَأْوِيلِ الْآيَةِ عِنْدِي: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ ذَلِكَ إِلَى جَمِيعِ مَا حَوَاهُ قَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ} [البقرة: 174] إِلَى قَوْلِهِ: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} [البقرة: 176] مِنْ خَبَرِهِ عَنْ أَفْعَالِ أَحْبَارِ الْيَهُودِ

الصفحة 72